طافت بذهني فكرة اشتغال المجلة على ملفٍ عن الأطباء الأدباء العمانيين، خاصة عندما التقيتُ في مناسبة حزينة بالدكتور عبدالعزيز الفارسي، وهو الذي خبِر مع أقرانه في هذا المجال الحزن والألم بتجليات مختلفة في غرف المستشفيات وردهاتها المعتمة الباردة.
لم أعرفه للوهلة الأولى، ربما نتيجة لغيابه الطويل في كندا لإكمال دراسته التخصصية في الأورام السرطانية.
هذا الحدث الصدفوي جاء مماثلا للقاءٍ آخر جمعني بعد أيام بالدكتور حسين العبري الذي كان هو الآخر غائبا عن البلاد للأسباب ذاتها.
تداعتْ فكرة الملف حتى اتخذت طابعا عمليا بطرحها على الإخوة في أسرة التحرير، وما كان من المحررة الروائية هدى حمد إلا أن أخذت على مسؤوليتها مهمة إنجاز الملف.
وبالإضافة للاسمين السابقين الفارسي والعبري، يأتي الدكتور زكريا المحرمي والدكتور سعيد الريامي كلٌ في سياق تخصصه واشتغاله أدبا وفكرا وترجمة للمشاركة أيضا في إثراء الملف من جهات أخرى.
تبقى ملاحظة أود التأكيد عليها، وهي أنّ كثيرا من الأسماء العربية التي اشتهرت طبا وأدبا تركتْ ممارسة العمل الطبي لتتفرغ للأدب على عكس الأطباء الكُتاب العمانيين الحاضرين بتميزٍ في الصيغة العلمية والأدبية.
أتذكر أيضا السوري الدكتور خليل النعيمي الذي يصل البرهة الراهنة إلى السبعينيات من عمره الثري، وهو لا يزال من أكبر أطباء الجهاز الهضمي في فرنسا التي يعيش فيها منذ نصف قرن تقريبا بجانب نتاجه الأدبي المتميز.
وإذا اتسعت الرقعة في علاقة الأدب بمختلف العلوم التطبيقية، فيمكن استعادة مقولة الفيلسوف غاستون باشلار وكان عالم فيزياء، حين سُئل عن قدرته على التوفيق بين كونه مُنظرا أدبيا وجماليا من جهة وبين كونه عالما له انجازاته الكبيرة من جهة أخرى، فكان جوابه: أنّ السؤال ينبغي أن يوجه إلى من يعانون إشكالية في سياق هذه الممارسة. بالنسبة إليّ العلوم والفنون كلاهما يتحدران من منبع واحد، هو الخيال الفردي المبدع والخلاق.
س. الرحبي