زاهر الغافري
أزهار في بئر
ها هي الحقيقية تنزل بين يديك أخيرا:
ذات يوم كان لأحلامك رائحة
الأبدية
أنظر اليك كمن يستجدي حجارة
عذراء
أنا ظلك الذي كان
مرآتك وقد عكست أزهارك في بئر
أنا الغريب الآن، كم بكيت عليك،
على ثمار الليل.
ومن أجلك، من أجل قدر يشبه جنة
مسمومة بت لا أقوى على النوم إلا
على حافة السكين.
زاهر الغافري في ديوانه الرابع "أزهار في بئر" الصادر حديثا عن منشورات الجمل بألمانيا يشكل اضافة حقيقية للشعر العماني الجديد وتتمثل هذه الاضافة بما حواه هذا الديوان من أسلوب ولغة والتقاطات وظفها زاهر الغافري لصالح النص الشعري بامتياز.
"أزهار في بئر" هذا العنوان الدال بشكل أكثر لاقترابه من كل نصوص الديوان يسكب فيها الغافري رؤاه نحو المكان، أينما يكون، للاصدقاء، الحنين والاغتراب. وكم هي عميقة الابار تلك التي نرى فيها مسافة المسافات دون أن ندري هل بها ماء لسقي مسافة الصوت في ترحالنا الأبدي.
"أزهار في بئر"، تأتي بعد اظلاف بيضاء"، (باريس984ا) "الصمت يأتي للاعتراف" كولونيا 1991و"عزلة تفيض عن الليل" مسقط 1997م.
سماء عيسى
دم العاشق
كان كل شيء قد مضى
قبل أن تصغي إلي
الأرض
وتعيدني
لدهشة الطفل الأولى
الذي
رحل الى التراب
وسكن
مأوى الشمس
وراءه
ترك قلبي
قطرة دم
سكبها
طائر في بئر
بحثت عنه مثلما يبحث الرضيع
عن ثدي أمه
مثلما تبحث النار عن حطب ذكريات
موتى
يهيم وحده في الأرض
تتبعه امرأة حبلى
بدم الآلهة
في دمه أنثى
تدفعه إلى الموت
قلوبهم معك
وسيوفهم
عليك
سماء عيسى في ديوانه الخامس "دم العاشق" الصادر بمسقط حديثا يواصل مسيرته الشعرية بوفاء خاص لصوته الشعري الذي تميز به عن غيره منذ ديوانه الأول "مناحة على عابدات الفرفارة" وما تلاه من دواوين "ذير بفجيعة ما" و"ما لجسد الخرافة" و "منفى سلالات الليل". تبقى الهموم إن تعددت واحدة لدى الشاعر محافظا على تماسك علاقته بها مع إثراء مكثف للتجربة المعيشية والشعرية وبهذا فدواوين سماء عيسى الخمسة في غاياتها القصوى، تجوس في تشظيات الألم الانساني وفي مغامرة العيش والحياة والهم المحلي والإنساني.
إذن فالتجربة / المغامرة الشعرية لدى سماء مغامرة متميزة كما قلنا، تميزها يكمن في استمرارية النبع الشعري في العطاء المتواصل للقصيدة الجديدة في عمان.
عبدالرحمن الهنائي
طقوس واحتفالات عُمان
بعين لا تعوزها التجربة، وعبر أكثر من 200 صورة ملونة، يقدم لنا المصور العماني عبدالرحمن بن علي الهنائي رؤيته في كتاب مصور صدر عن دار جارنت للنشر البريطانية، تلك الرؤية التي تنبض بما احتوته الذاكرة العمانية عبر العصور، وتناسل في طقوسها واحتفالاتها: الدينية والوطنية والتقليدية.
ورغم أن الكتاب / الألبوم Germonies and Celebration of Oman شاهد على الحياة العمانية بشكل عام إلا أنه لا يغفل تلك الخاصة بالأفراد، كما نراهم في الموالد، والاماكن العامة، أو وهم يحتفلون بالسيرة النبوية في أداء احتفائي واحتفالي مهيب ورقصات معبرة، تماما كما في حفلات الزفاف التقليدية.
تجربة المصور البارع عبدالرحمن الهنائي تحمل الكثير من الخصوصية، ببصيرة ضوئية ترقب وتسجل وتكشف عن الجديد والقديم معا، معبرا فيهما ممن الهوية العمانية الأدبية.
حصل عبدالرحمن الهنائي على بكالوريوس الفنون من الكلية الأمريكية للفنون التطبيقية، أطلنطا، جورجيا، ويرأس حاليا قسم التصوير من مركز تقنية التعليم بجامعة السلطان قابوس، وقد حاز العديد من الجوائز.
علي المعمري
فضاءات السرد
بعد مجموعاته القصصية الأربع: أيام الرعود عش رجبا (1992)، مفاجأة الأحبة (1993)، سفينة الخريف الخلاسية (1995)، وأسفار دملج الوهم (1997).. يعود علي المعمري الى فضاءات السرد بروايته الجديدة: فضادات الرغبة الأخيرة، والتي صدرت عن دار (شرقيات) بالقاهرة. الرواية (186 صفحة) تحتفظ للكاتب بسعيه نحو نسيج لغوي يقولب لغة الشعر سردا (حيث تتناثر مسارات خيام الشعر والراحلين، وتتجلى ولادات غير آمنة للآملين، أتحرك بين المسارات وتبدو لي الولادات، وأنا مغلف بالحيرة في الكبسولة التي أعيش فيها، هاربا من الحياة، وباحثا عنها، وكأنني أعيش لحظة في بحر الظلمات، يمتزج فيها الحب بالموت وتتعانق فيها رغبة الحياة بالابحار الى الأعماق… الرواية ص 19). كما تجسد الرواية. في الآن ذاته، ترحل الكاتب عبر فضاءات مكانية عديدة، تنعكس شموسها في وجوه الشخوص والسنتهم… عبر 15 فصلا تقيم محيط العمل.
محمد بن سيف الرحبي
يسرد ما قالته الريح
منذ صدور مجموعته بوابات المدينة، والكاتب محمد بن سيف الرحبي يوزع قلمه بين فضاءات الكتابة السردية العديدة. نقرأ له المقال، ونشاهد له المسرح وأخيرا يجمع بين دفتي كتاب مجموعة قصصية جديدة.
الكتاب الذي يحمل عنوان "ما قالته الريح"، وصدر عن دار الشروق، بغلاف الفنان العماني حسين عبيد يقع في تلك المنطقة التي يراوح الكاتب فيها ذاته المبدعة، كيف؟
في "شفاه المقابر" سنرى ذلك الجنوح الهائل للحوار (المسرحي). أما في "مجرد ملاحظة" فالجنوح أشد "الكارثة" هي مسرحية كاملة بمشاهد مكتملة !
في "الحكاية" اختزال لليالي، ألف حرف وحرف تشدك بقوة نحو تخوم المقال، الذي اعتاد تقديمه بزاوية أسبوعية، في باقي (قصص) المجموعة وعددها 16، يتأرجح المبدع بين تلك المواقع، تأرجح الأخيلة التي ينثرها ضوء مشمعة لايزال يتراقص، يتأرجح بين الخفوت والقوة تداعبه الريح، فيسرد لنا بعض ما قالته.
اليأس، ولا نقول البؤس، الذي يلون كلمات محمد بن سيف الرحبي، يجعلنا نطرح السؤال المر نفسه، فيم كل هذا الحزن، الذي لا تعفينا منه سوي تلك اللحظة الشاردة للسخرية التي ينثرها الكاتب بين لحظة وأخرى، لترسم بعض سحابة تخفي شمس الكآبة.. حينا. وقد أصدر الكاتب (احتمالات)، وهو مجموعة نصوص ومقالات نشرها متفرقة، تؤكد حضوره في زاوية النقد اليومية للابداع ومتابعته له.
سليمان المعمري
ورجله المهزوم
في مجموعته الأولى يطرح الكاتب سليمان المعمري عبر نصوصه القصصية العشرة الحزن في ثوب جديد، فيعلن البكاء على من أضاعوا أسماءهم، ويرثي لحظة الشعر التي لن تأتي، ويأسي لحزن الدودة حين تفقد الذاكرة.. رغم تأكيده في أحد عناوين قصصه أن: لا شئ يدعو للحزن.
في نصوص سليمان المعمري تتجدد أيام الرجل المهزوم مجددة معها الاحباطات اليومية المعاشة، ويهرب لنا في ثنايا السرد صوره الكاريكاتورية التي يتورم بها النص ! "استيقظت، فاستيقظ ارث من العقد وركام من الخيبات.. كنت ما أزال على السرير حين لطمتني الأيام المعلقة على الحائط.. السابع والعشرون من نيسان.. بم يذكرني هذا اليوم الذي يستعد لتدشين نفسه ضمن قائمة الأيام التي تحفر قبري؟!.. واجابة المعمري ص 63!