كم تحتاج لتنتزع نفسك من الأسـى أو من صورة حيوانٍ يمضي
أمامكَ …
، تترك المكان لذئابه ( تَعول عليه) وأن الألم يشبهُهُ حيوان ٌجريح ٌ
يمضي أمامكَ
j j j
أو تعودُ مرّاتٍ كأنْ من مشـهدٍ قديمٍ كنتَ أهمـلته ُ
, تحملُ جَفْنـَة ً من خزفٍ هشـيمٍ وأعوادَ يابسـةٍ ، ونُتَفاً
من خِرَقٍ قديمةْ…
ثم تمضي بها إلى أن تضعها هناكَ في وَسَــطِ الساحةِ …
كما لو تضعُ حيـواناً جريـحاً أمام الـمارّة ِِ
ثم الحيـوان ُيلجأ إليـكَ ، كأنـه تـعرّفَ إلى رائـحتكَ
أو تعـرّف َإلى رائحتـها في ثيابـكَ
j j j
كم تحتاج لتنتزع هذا الليلَ من رماديِّ الشارعِ
والسامرينَ .. والبيوتِ
, أو ربما تستدعي خيال فتاة المطعم ِ
… لو من نهاية الممرِ
بأوراقٍ حمراءَ خمريةٍ ، والمطر ُقد توقف َ، لتأكدتَ
من هذه البقعة ِ ، كم تراها الآن خضراءَ ..
j j j
لو يَهُمّونَ ..
أن يذهبوا الآنَ,
لو يذهبونَ
لو من نهاية الأدراجِ
صُحبةَ أغنيةٍ
لو تعود ُتمضي
بأسفل التلةِ
بكتفين مخذولتينِ وشَعرٍ أغبرَ
j j j
لا بد أنك كنت تمشي أيضاً ، أو أنك عدت تعِـباً من ليل العرّافينَ ، أو تصحو من سحابة صيف قديمٍ فيما تمتدحُ نافوراتِ العشبِ ، والعنابرَ الفضةَ ، ثم تمضي بهذا كلِه كما لو تمضي بأُحجيةٍ ،قُلت لا تعجبكَ ، والآنَ لا تنتهي من زخارفها العالقةِ في خيوطٍ
أن خيوطها تعود ُ تنبتُ من الليل أمامك كيفما تحركتَ ، بحيث كنت تفضل ألا تتحرك َ..
وأنك لا تعرفُ حين تبدأ كيف تنتهي
فـتـفكرُ أن تكون البداية من أوراقٍ حمراءَ خمريةٍ
تمشي عليها
، فيما لسبب ما الليلُ مضاء ٌٌمن الغيمِ
والسماء ُبيضاءَ , والعشبُ …
و شجيراتُ الوردِ العاريةْ
j j j
… فضاءاتٌ بجبالها، بأسرابها، برعاتها وقطعانها لا تكفي
لردم أنهارٍ قديمةٍ كانت تعبر من هنا
أو من بقايا عشاءٍ وسامرين َفي المائدةْ , ولا تحيلُ لشيء ٍ
، بقيتَ ثملاً بعدها بسنينٍ حتى نهاياتٍ كهذهِ
كلّ ما هنالكَ أن حياةً تتفكك كأوراقٍ حمراءَ خمريةٍ
… أو أن للأوراقِ الخمريةِ الحمراءِ شقيقاتٌ غير َتلكَ
الغيومُ تفتّتها
, الهواءُ والشمسُ
j j j
تقول ُتعرفُ ..
الكائناتُ ما تزال تنبتُ في طرفٍ من الساحةِ
.. الكائناتُ الليليةُ
كنتَ تطـوفُ بها الصخور َكتميمةٍ
تقول ُتعرفُ ..
وتطـوف بها المدنَ َكتمـيمةٍ
j j j
لكنتُ اكتفيتُ بالذي تناثر
من فضة النهار على يديكِ
…
أو ما الذي لا يعجبكَ في هذه الفلاة ِ
… فتمضي تبحث عن فلاةٍ بعدها
j j j
لا بد أنك كنت تمشي أيضا ً ، أو عدتَ تَعِـباً من ليلةِ العرّافينَ ، أنْ
ثمة نسـاءٌ بمناماتٍ طويلةٍ في الفناءِ ، وقناديل يحملنها، وكن يعبرنَ إلى
الغرفِ من دَرَجاتٍ قصيرةٍ ، يتوزّعن على الغرفِ الموزعةِ في الفِناءِ
j j j
كأنْ نعودَ مرّةً في مشهدِ السوقِ , وثمة قوّالونَ هناك ومرددونَ بوجوهٍ شـاحبة
وعباءاتٍ , ومَن قُلتَ كانوا أولياءَ وخاناتٍ راحوا يعتلون منصاتٍ شيدت لعلفِ
خيولِ مرقطةٍ وشهباءَ
… وصخبٌ في السوقِ , وقبّانونَ , وِصبية ٌيجرّون الخضارَ في عرباتٍ واطئة
و خيول ُيقودها غلمانٌ في فناءاتٍ مُتربة من أرسانٍ في أعناقها
ثم وجَدْتـََُكَ بأول المنصّةِ ، وآخرين َلا تعرفهم ، كل قليلٍ يشدّونكَ بذراعيكَ
و يدفعونكَ لتقول شيئاً …
قُلت َلابد ّمن أوراق ٍ ذهبيةٍ ، وأوراقٍ حمراءَ …
، ولا بد ّمن كَتبَةٍ يحبـِّرون الأوراق َ
قلتَ لا نحتاج نظاماً جديداً للإشاراتِ ، اضطرابُ اليدين يكفي
توهجُ الخدين ِ…
ارتغاش ٌ خفيفٌ بأعلى العنقِ
… لا أحد َيراه
j j j
عُدتَ هكذا تفكرُ كيف أن كائناتِ الرمل ِ…
و كيف أن الأسرابَ هكذا بعد أن تبتعد َ
,صمتُها ينتشر ُفي السطح ، بعد أن تبتعد َ
و النهار ُيترسّبُ في طبقةٍ زرقاءَ تلمسُ الأرضَ
وغيماً في الأغصانِ …
و بيوتِاً .. تدفعها بطيئةً في النوافذ ريحٌ من قصبٍ
بعيدٍ وشيحٍ
j j j
… ان طـيوفاً من حيواتٍ كانت تقيم هنا، في هذه
التلال ِ، تعود بسموتِ مدن ٍقديمة ْ كلما هبطت في التلال الصيفُ …
أو تعود بالقرمزيِ
وعطر ِاللوز ِ
= j j j
عُدت َتفكر ُكيف أنّ الأوراق َالذهبيةَ الكبيرةَ كلّ قليلٍ
تقعُ لوحدها ،مجموعاتٍ صغيرةٍ ، وأزواجاً
… أن سقوطها الهادىءَ هذا يكاد لا يترك أثراً
…وبراري ذُرةٍ
, وتلالٌ ذُرةٌ
ومنمنماتٌ في التلالِ
… وجميلاتٌ يَعُدن َمن الحبِ
فيتمددنَ في الظلال ِالقمريةِ
تقولُ :
أنّ مساءاتٍ كهذهِ تتناسلُ من دويِّ أبراجٍ كبيرةٍ تحفرُ الأرضَ
، والصمتُ يصلكَ من رفوف طيور ٍتنساب بأعلى الصخورِِ
ورابيات القصبِ
… وأهراءِ «الضَميريين َ» , وأثلامٍ في التلالِ نحتتها الثعالبُ …
وسبخات ِملحٍ
و فلكيينَ يمددونَ السُهبَ من نهاراتِ شموسٍ زرقاءَ
وكائناتٍ ليليةً أخفتها المنحدراتُ ، القصب ُ
، الأعشاب ، الهشيم ُ
، المصاطب ُ، الخزائنُ ، أدوات ُ الفلكيينَ َ
،الخمائلُ الخمريةُ ، الآنية ُالخفيفة ُ …
j j j
حين كانت ِ الجبال ُواقفةً ..
، بقيت ْهناك واقفة ً
، أو من شتاءات ٍ كتلك َ التي أ َتت ْ بك َحتى هنا
j j j
… غيرَ هنا لا أمكنة لمهووسينَ
ما زالوا يرصفون الزجاجاتِ بحافة الليل ْ
غيرَ هنا لامجالَ لانجرافاتٍ , غيرَ هذهِ , أبعدَ ..
أو عبرْها من خيالاتٍ خفيفةٍ في الجدرانِ
غيرَ هنا
لا أمكنة للحوافِ- الذهولِ
، للمدنِ – الضواحي
للأمواج ِ- الوردِ …
والأمواج ِ- النبيذِ
، للطيورِ ، للعاشقات ِ ، للمجانينِ
، غيرَ هنا
هذي الجبال ُالزُرقُ
عربة ٌ أوّلها آخر ُالليل ْ
حـــازم العضمـــــة
شاعر من سورية