1
البُحَيرَةُ إرْثٌ
السَّمَاءِ
وَأنْتِ تُشيحينَ
وَجْهَكِ عَنَي بِأرْوقَةِ
الوَقتِ
يُنْصِفُني مَاؤهَا عَنكِ
أَقْرَبَ مِنْ حُزْنِ قَلبٍ
إليَّ
وَأرْسُمُ تُفَّاحَةً في طَريقِ
المَدينَةِ
ضِدّين كَالطّينِ
تَحْتَ المَطَرْ
هَلْ أُسَافِرُ أَكْثَرَ
حَتَّى كَأنّي بِلا اسْم
أَمْشي
لِتَسْألني غَابَةٌ :
هَلْ الاسْمُ مِنْكَ
انْتَهَى ؟
أَمْ تُرَاكَ انْتَهيتَ
هُنَا مِنْهُ ؟
***
قُولي :
أَيَكْفيكِ هَذا البُكَاءُ
الخُلاسيُّ ؟
أَمْ السَّيْرُ أَكْثَرَ
حَيثُ أُعِدُّ المَسَافَاتِ
وَحْدي
بِلا عِودَةٍ لانْتِشَائي المُبَيّن
في لَوْحَةِ العَائدينَ
إلى وَطَني
فِي المَطَارْ
***
تَشُدّينَ وَجْهيَ عنّي
امْتِثَالاً إلى
حَجْمِ زَوْبَعَةِ الرُّوحِ
فِي مَا أَرَاهُ مُحَالَاً
لِأَنْ يَنْتَهي
فِي المَسَاءِ
عَلى كُوبِ شَايٍ
يَصفُّ التَّرَاتيلَ فِي جَبْهَةِ
الانْصِرَافِ
بِلا ( أَنْتِ ) فِي
آخِرِ الليَّلِ
***
قُولي :
هَلْ المُسْتَحيلُ ( أَنَا )
أَنْ أكونَ القَريب
2
إلى روح الصّديق عليّ المعمريّ
***
لَمْ تنتظرني كي أقول لك :
« الحقيقةُ دمْعةٌ في الرّمل تائهةٌ
لأنَّا ما اسْتدرنا نحوها إلا رحيلا “
أْنتَ تسْألنا :
لنعْرف مَنْ نكون ؟
ومَن يكون السّائرون على الخريطة
خِلسةً منّا ؟
أيُمكن أنْ نكون خُلاصَة الصَّيف القَديم
وغيرُنا أوْلى لرسم ذواتنا
في الطّين ؟
***
لمْ تنظرْ سنة
لأخْتَصرَ الطّريق إليك
من زَمن التفات قبيلةٍ لبَياتها الأبَديّ
تَنسى ( ابن سولعها ) وحيدا
عِشْقه صَخبُ السّماوات البَعيدة
كُلّمَا انْدَستْ حبيبته إليه
تنبّأ الوطن المُعبَّأ في خَراج القَوم
إنّ طُفولةٌ أخْرى ستنسجُ من قوافلها
بدايةَ موسم النّسيان
من عهْد التّشرّد في بلاد السّدّ
لمْ يجدْ الحُفَاة المَلجأ الكَونيَّ في سُخْطٍ
لإنجاب المَزيد من الجُنود
أمام ظلِّ الجَدْب في رَحِم النّهار
***
من سَيسْألها وأنت هجرْتها فحْلا
لتثْأر من قبائلنا بموتك
كّلّما عادتْ تَنام على السُّلالات العقيمَة
كُنتَ موعِدها الحميم
بأنْ سمعْت نبوءة الزّيت الكَئيبة
في بيوت الرَّمْل
لَمْ تُخْبرْ سواك ونِمْتَ مُنْسَجِما مع الدَّرب
التُّرابيّ الشّريد إلى المُحيط
***
« لك بعْدها »
تَنَفّسْ بلادَك في آخر الحُزن
( فهَمْسُ الجُسور ) يَصْلنا بكلّ الذّوات
التي علّمتك الوصول إلى مَا تُريد..
ومَا زلتَ ( ابْنا لسولعها ) تَفْتَديكَ بمليون عيد ..
تَنَفَّسْ بلادك في حُضْنها الآن
ما زلتَ أنتَ العليُّ عليها
لأنّك أنت العليُّ الوَحيد..
3
أراني أعصر
خمرا من الروح
أصلب في
التيه
وأمشي لأحمل
جرحا
فماذا تقولين :
فيما أراه
وأنت كما أنت
قديسة تكتبين
الحقيقة
لكنني خائف من
تلاوة تلك
البداية
أنسى سريعا
وأرقص في الريح
مستوحشا
بابتسام الحياة
كأني على
وعدها في رهان
4
ونجري لسطوة
هذا الصباح المحاصر
بين الذهاب
إلى زج بعض الحروف
التعيسة
فيما تعودنا
أن نعود بلا أمنيات
وبين الإياب
إلى ما تبقى
من الوقت يودعنا
في التشفي
من الحزن ننسى
المسافات في
شفة الليل
حيرى
لنبدأ صرف التساؤل
عن كائنات
المدى والبعيد
وئدنا هنا
في الغروب البليد
ولم ننته بعد
من رجفة الانتباه
الطفولي
يؤلمنا كوكب
في المسار يضيء
التماثل
نوصد أرواحنا
دونه
في الظلام
5
ينسل من أرق
المسافة
كلما امتدت به الذكرى
يحاصره خيال عابث
ببقية منه
ينام على حدود الحلم
يشخص في التفات الطين
يؤلم منه أروقة
البدايات الصغيرة
يقذف المنأى ويرجع
مرة أخرى
إلى لغة السراب
يدون الكلمات في يده
ويغسلها بماء البحر
كي ينسى حدود الماء
في ألمه
يغطي عريه
بالخوف منكفئا
على إسفلته الليلي
ينشب قهره بيد
من الفولاذ يعصره على
وجهين من زمنين منقطين
في حتفين
من ضدين متصلين
في وجعه
بقهوته عتاب صارم
في جزئه البشري
يملأ كله يتما ضبابيا
يبجل جرحه فرحا
على لحنين مهترئين
في الماضي
حنين صادع بالوقت
يؤلمه
وتمثال بلا عينين يشكو
ظلمة الجدران بالنسيان
في العدم.
محمود حمد\
\ شاعر من عُمان