لحظة وجدت نفسي أمام هشيم دار جبرا، في بغداد، توقفت ذاهلاً وأنا أسأل: هل هذه هي الدار التي كنت أقصدها أكثر من مرة في الأسبوع، مجالساً ساكنها في جلسات طويلة، وقد تآلفنا معها تآلفنا مع الحياة، وأحاديث الشعر والأدب والفن.. وكثيراً ما كانت تمتد بنا أطراف تلك الأحاديث لتنسينا النظر في الزمن؟ أهذه هي الدار التي خلقت لزائريها، ممن كانوا يقصدون ساكنها، الألفة مع الفن بتعدد الرؤى فيه واختلاف الأساليب وقد جمعتها جدرانها الداخلية ليكون جواد سليم إلى جانب علاء بشير، ومحمد غني مع نوري الراوي، وسعاد العطار، ونادرة عزوز، وراكان دبدوب.. ومع هؤلاء تتواشج لوحاته/ أعماله هو، التي تؤرخ لحقبة من حياته، وتجسّد رؤاه الإبداعية، وكأنك وأنت تمر بها، وتمضي معها داخل مسارات الدار، في متحف للفن الحديث، وإن يكن شخصياً؟ فقد كانت تلك الدار، كما ساكنها، علامة كبيرة لعصر لن يتكرر.
لم أصدّق ما أرى وقد تحوّل هذا كله الى حطام وتراب غطى ما كان هناك من كتب تمثل «تاريخ ثقافة» من كان هنا، يملأ فضاءات هذه الدار التي كتب فيها أهم ما كتب. وقلت لصديقي الروائي، الذي رافقني الى «جنازة» هذه الدار: إن كل شيء مما أراه الآن لم يكن كذلك.. وما أراه لا علاقة له بما كان. فهذا الحطام، وركام الحجارة المفتتة، والجدران المتداعية على بعضها، والأبواب المخلوعة، والنوافذ التي هجرت مواقعها لتكون بوابة الى عمق مرعب لم يبق منه شيء على ما كان، يوم تركه ساكنه وقد غادره للمرة الأخيرة في 12/12/1994. فما أراه ليس ما كنت عرفت وألفت. فأين ذهب ذلك كله؟!
وحين أردت التوجه الى الداخل حذرني «حارس» كان يرتدي زياً عسكرياً، ويقف على مقربة من ذلك الركام، من أن ما تبقى قائماً من الدار قد يتداعى في أية لحظة. قلت أروم ان أرى السيدة «أم علي»، فهي من احاط هذه الدار بعنايتها من بعد غياب ساكنها.. فإذا بالحارس يقابل حزني بصمت حزين، ويقود عيني نحو لافتة سوداء كانت تستقر على جانب من هذا الركام.. تنعي «أم علي» التي كانت داخل الدار لحظة تعرضها للتفجير، فذهبت، هي الأخرى، محتضنة ابنها، الذي كان معها لحظة وقوع التفجير، تاركة علامات من دمها على ما تبقى من جدار الغرفة التي كانت تجلس فيها في تلك اللحظة الكارثية! ـ وقد ذهبت مع ما ذهب من تاريخ ذلك الرجل ـ العلامة التاريخية على الأرض.
j h j
في اللحظة التاريخية التي فرض فيها الانعطاف الثقافي الجديد نفسه في أوساط العراق الأدبية والفنية، كان جبرا قد وصل بغداد (أواخر العام 1948) ليحلّ أستاذاً جامعياً لمادة «الأدب الانكليزي» في «كلية الملكة عالية للبنات» أولاً، ومن ثم في «كلية الآداب والعلوم»، وكلتا الكليتين كانتا حديثتي العهد والتأسيس. وسيتواصل مع الحياة الثقافية منذ لحظة وصوله وهو يلتقي روحها المتطلع الى التجديد وقد جاءه حاملاً الكثير من تطلعاته، فاندمج به عنصراً مهماً، وأصبح فاعلاً في هذا المكوِّن التجديدي: شاعراً مجدداً يكتب «قصيدة الشعر الحر» على نمط آخر غير نمط مجدديها الأوائل (السياب والملائكة)، مما سيُعرف من بعد باسم «قصيدة النثر».. ورساماً ستكون حظوته في النقد التشكيلي أكثر من الرسم، وقاصاً لقصته لونها الفني ومشاغلها الموضوعية المغايرة لما كان يندفع، يومها، من قصة «الموجة الواقعية» التي زحفت الى الحياة في تلك الحقبة.. ومترجماً سيطلع على الشعراء المجددين بترجمة الجزء الخاص بأساطير وادي الرافدين من كتاب السير جيمس فريزر «الغصن الذهبي» الذي من خلاله سيتعرف شاعر طالع مثل السياب على «الأسطورة التموزية» فتغدو من «الثيمات الرمزية» الأساسية في قصيدته وقد وجد فيها «وسيلته الشعرية الهائلة التي سخرها، في ما بعد، لفكرته» حتى أصبحت «الينبوع الذي يستقي منه معظم صوره الشعرية» (الرحلة الثامنة: 24) ..
كما سيكتب في التجديد مفهوماً وبُعداً ابداعياً، وستكون مقدمته للعمل الشعري الأول للشاعر بلند الحيدري «خفقة الطين» من كتاباته التي وضعت الابداع الشعري الجديد على طريقه الصحيح: طريق التجديد. كما سيكون عضواً مؤسساً في «جماعة بغداد للفن الحديث» (1951) رفقة مؤسسها الفنان جواد سليم، وفنانها الفاعل شاكر حسن آل سعيد، الى جانب رسامين ونحاتين آخرين، انتظموا جميعاً مجتمعين حول فكرة جوهرية تربط حاضر الفن العراقي بماضيه، من دون أن تغفل عن التطورات الحديثة الحاصلة في فنون عالم اليوم.
كان الواقع العراقي يومها واقعاً غنياً بالأحداث، مشبعاً بروح التطلع الى كل ما هو جديد، ومتوازن.. كما كان يشهد ولادات جديدة، راحت تتطور على نحو سريع ومدهش محدثةً التحول في الآداب والفنون، كما في الفكرين: السياسي والاجتماعي.. ما سيساعد في عملية التحول عن القيم التقليدية في هذه المجالات كافة، كما في الحياة الاجتماعية لمدينة مثل بغداد التي سيتأكد فيها، ومن خلالها الدور المتعاظم للاتجاهات والتوجهات الجديدة هذه.
وإذا كان جبرا هو «المثقف الكوزموبوليتي» بامتياز في هذا الواقع، فذلك لأنه كان، يوم عودته من الدراسة في بريطانيا قاصداً بغداد، لا «بيت لحم» مدينته الفلسطينية، قد حمل معه الأصول النظرية الكبرى لهذا التجديد، والتي سيساعد في تكريسها: أرضية للاتجاهات والتوجهات الجديدة، بما فيها من ميول ابداعية خارجة على التقليد والتقليدية في الأدب والفن.. وسيكون له مع فنان مثل جواد سليم، وشاعر مثل بدر شاكر السياب أن يُغيروا واقع الابداع الفني، جاعلين للتجديد، كما أنجزوه، مكانته، وتأثيره ونفوذه الثقافيين.
وإذا كانت اتجاهات فكرية وسياسية ستبرز في هذه المرحلة داعيةً الى ادراج الفن والأدب في الحياة اليومية لانسان هذا المجتمع، وتبني «لغته المباشرة»، فإن فناناً مثل جواد، وشاعراً مثل السياب، وناقداً ومبدعاً متعدد وجوه الابداع مثل جبرا سيكرسون جهودهم من أجل «فن جديد» و«أدب جديد» الروح والتطلع، ساعين الى أن يجعلوا من عصرهم «عصراً ثقافياً» بامتياز، انطلاقاً من «مدينتهم» بغداد التي ستكون منطلقاً لثورة إبداعية شاملة.
وسيقود جبرا، بمفرده، غير متكيء على مؤسسة (لأنه كان يرفض التبعية للمؤسسة) قوى الروح الحية فيه موجهاً إياها الوجهة التي سيرسم من خلالها الأبعاد الكلية لشخصيته: مثقفاً ينتمي الى القرن العشرين، قرن التجديد العربي الحقيقي، والمؤثر، وهو الذي ظل يطمح الى تحقيق المثل الأعلى في الكتابة ـ التي ستنصبّ جوهراً ابداعياً في الرواية، هاجسه الابداعي الأكبر، والأهم منجزاً.
j h j
بدأ جبرا مشروعه التجديدي في العراق، وانطلاقاً من العراق، وأراد له أن يكون مشروعاً شاملاً أساسه: تكوين وعي جديد يمكن أن يستوعب الجديد في مجالات الابداع كافة.. وكان طريقه الى ذلك من خلال مسارين جعلهما متوازيين في حياته، حتى النهاية: المسار الذي تعيَّن فيه وجوده مبدعاً، متعدد وجوه الابداع.. والمسار الذي سيلعب فيه دوره ناقداً شمل نقده الشعر والفن التشكيلي والقصة والرواية.. وقال للمجدد إنك لن تكون مجدداً ما لم تكن محمولاً، في تجديدك، على لججٍ من معانيك الخاصة، والجديدة.
وإذا كان التجديد في تلك المرحلة، وقد شمل الآداب والفنون كافة، قد اقترن بشيء من «الدلالات السياسية» لدى بعض المجددين،فإن جبرا لم يُبعده عن مثل هذه الدلالة، وإن كان قد ربطها بالوعي بقضيته الوطنية ـ القومية (القضية الفلسطينية)، مبتعداً بوعيه هذا عن أي عامل إيديولوجي.. مركزاً على/ ومتركزاً في وعي الذات ببُعد حضورها التاريخي، إذ وجد في «الالتزام» تبسيطاً «لقضية الأدب، واجتزاءً لها»، منطلقاً من كون قضية الأدب، بحسب رؤيته هذه، «هي قضية الانسان» (الحرية والطوفان: 22) وفي ما يرى، فإن الأدب «إذا لم يكن… انسانياً فمن العسير أن نتصوّر ما هو.» (58) وعلى هذا فإنه إذ نظر الى الأسطورة نظر إليها من زاوية «تضمينها والاستمداد من معانيها واستخدامها كهياكل داخلية لأشكال جديدة»، فقد وجد فيها «طاقة ايجابية يجب أن نحذق خزنها في ابداعنا الحديث.» (الحرية والطوفان: 148) كما يجد أن الأسطورة التموزية، على وجه التحديد، قد شكلت لشاعر كالسياب «الينبوع الذي يستقي منه معظم صوره الشعرية.» (الرحلة الثامنة: 24)
وقد وجد أبرز مبدعَيْن، ركز في قراءاته النقدية على منجزيهما الابداعي، يربطان الأسطورة بالواقع، ويرتفعان بالواقع الى مستوى الأسطورة، ويحركان التاريخ باتجاه الحاضر والمستقبل، لا ليتحّكم بهما، وإنما ليرفدهما بما يختزن من تجارب خلاّقة، فإنه وجد هذه الأسطورة تتحرك في تجربة السياب الشعرية بمنظور يرمي الى تغيير وجه الزمان من أجل أن يمنح المكان (الواقع) هويته التي سيرتفع بها مبدع آخر، هو الفنان جواد سليم، الى مستوى فريد من الخصوصية التاريخية ـ الحضارية للفن.. مؤشراً ما كان لهذين المبدعين من اثر ناجز، وفعال، في التجربة الابداعية الجديدة، ما احدث ذلك التحول الجذري في الشعر، كما في الفن التشكيلي رسماً ونحتاً. وسيعزز جبرا، من خلال ما قدم من قراءات نقدية، هذه التوجهات، مبلوراً ما تُصدر عنه، او تؤكده، من مفهومات جديدة. وقد جاء ما كتبه في هذا الاتجاه، وضمن هذا التوجه، معززاً لما اختط، هو نفسه، من مسار ابداعي متعدد وجوه الابداع تمثل في الشعر، والرواية، والقصة القصيرة، والرسم. فإذا ما سئل أين يجد نفسه بين هذا كله، أجاب: «ليس ثمة من مفاضلة بالنسبة إليّ. إني اجد نفسي فيها جميعاً ـ او انني أجد أجزاء من نفسي في كل منها، فتتكامل في ما بينها»، معيّناً التجربة الأدبية، كما هي في وعيه الابداعي، بكونها «تجربة لوعة من نوع ما: حرقة داخلية، محنة، غضب، فرح، عشق»، وهي، كما يؤكد، تأتيه بأشكال شتى، وتطالبه في «كل مرة بقول يفي بحاجتها ـ بحاجتي ـ على نحو مغاير»، وإن كانت تمثل له أوجهاً «متعددة لجوهر واحد، كلٌّ يغني الآخر بصلته الخفية، المركزية، به»، واشار على من يريد أن يجده أن يلملمه من أشكال كتاباته المختلفة. (ينابيع الرؤيا: 93) وقد جاءت رؤيته النقدية هذه معززة لعمله الابداعي في اطاره التجديدي هذا.. وستبرز هذه «الرؤية النقدية» على نحو واضح في عمله الروائي، أكثر منها في وجوه الابداع الأخرى التي كتب فيها، من خلال تعبير شخصياته عنها في غير حالة وموقف. كما أنه نظر، في هذه الرواية، الى حاضر المدينة من موقف نقدي ـ حضاري الأبعاد، وهي التي اتخذها منطلقاً وفضاءً لتأكيد رؤيته الجديدة. فكما أن لانسان المدينة طرائقه في الحياة، ينبغي ان تكون له طرائقه في الرؤية والتفكير. وما يساعد، وبشكل فعال، في بلورة هذه الرؤية وهذا التفكير هو الواقع الثقافي والحضاري للمدينة، والمتمثّل في الآداب والفنون (بما فيها فن العمارة). وتتوحد هذه الرؤية عنده، أكثر ما تتوحد، من خلال بغداد، المدينة والانسان وما ابدعه هذا الانسان من فنون كانت التأسيس، والمنطلق الفعلي لعصر تجديدي، بالمعايير كافة.
j h j
وإذ يُقدّم جبرا/ ويتقدم بالمدينة العربية الجديدة نجده يشدد على قواعد وجودها. فهو إذ يؤكد أن المدينة عالمه، فإنه يعيّن هذه المدينة في «المدينة العربية الجديدة، بكل ما فيها من متناقضات وتيارات وآمال ومخاوف.» (الحرية والطوفان: 148) وقد نظر الى بغداد، (المدينة التي عاش فيها الشطر الأكبر من حياته، وكتب أعماله الكبرى، والمهمة فيها) نظرته الى القدس التي رأى أنها «ليست مجرّد مكان، إنها زمان أيضاً. فهي لايمكن أن تُرى بوضوح ضمن نطاقها الجغرافي المحدود وحسب، لأنها حينئذٍ لن تُفهم. إنها يجب أن تُرى في منظورها التاريخي، وتُرى كأن التاريخ… اجتمع في لحظة واحدة هي اللحظة التي يراها المرء فيها.» (الرحلة الثامنة: 155)
في سياق هذه النظرة ـ الموقف جاء تأكيده على العلاقة بين الرواية والمدينة باعتبار الرواية «فناً مدينياً»، وليست شيئاً آخر غير ذلك، وبأكثر من بُعدٍ لها ومعنى:
ـ فهي واقع له وجود المادي، وكيانها العمراني، والانساني…
ـ وهي تركيب اجتماعي ـ طبقي غالباً ما يكون محور صراع في ضوء ما يُحدد / وينطلق من منظومات فكرية واضحة الأهداف والغايات…
ـ وهي مسرح احداث غالباً ما تقود الى تحولات، منها ما يكون كبيراً…
ـ وهي فضاء ثقافي بامتياز، مفتوح لعمليات الخلق والابداع، ولتعدد المدارس والاتجاهات، كما هي فضاء لصراع الأفكار.
غير أن حلمه بالمدينة العربية العربية هذه كان أن توقف (نثحرَ، أو انتحر!) في لحظة تاريخية معينة كان هو «شاهدها»، ومن كتب مرثيتها. فالمدينة التي كان يريدها: مدينة الفن، والكلمة المبدعة، بانسانها الحامل مثل هذه الروح المجددة، إذا بها تباغته بانهيار كل ما عرف لها/ وأقام فيها من بناءات (كانت فضاءات حلمه).. فإذا هي مغلقة الفكر، كليلة الرؤية، وبديل الحرية فيها حلّ «افتراس الذات»، وحل الكابوس محل الحلم في تمثّل واقعها، وأضحى الامتثال قانون الحياة فيها. سيعبّ عن هذا في روايته «الغرف الأخرى» (1984). إلا ان انسانه وإن أضطر الى الصمت فإنه لم يتخلّ عن «المعاني العليا» في حياته.. كما أنه لم يتخلّ عن أسئلته…
ومن جانب ابداعي، كان من بين أهم الأسئلة التي أثارها جبرا وجيله من المبدعين: كيف نكون، وفي وقت واحد، مجددين (معاصرين)، وأصيلين (بمعنى عدم الانفصال عما لنا من تراث)؟ فكان الجواب عن سؤال كهذا أن تحدد من خلال عملين: فردي، تمثل في عمل الأدباء والفنانين، كل بحسب رؤيته وتجربته.. وجماعي، تمثل في «جماعة بغداد للفن الحديث».
j h j
وبعد أن كان جبرا من أوائل من أرسوا الدعائم الابداعية والنظرية للتجديد في الشعر، والفن التشكيلي.. سينعطف انعطافة كبرى ليقول بأن العصر، اليوم، هو «عصر الرواية»، إذ وجد في الأفق الجديد الذي راحت هذه الرواية تفتحه ما يوازي، إن لم يتفوّق على، ذلك الأفق الذي فتحته التجربة الشعرية الجديدة، لتكون «فن العصر» بامتياز.
وستأتي كتاباته، سواء ما كان منها في الرواية فناً أو في الرواية نظراً نقدياً، مؤكدة التغيير الذي سيحدثه هذا الفن في بناء وعي فني جديد، وفي تكريس رؤية ابداعية جديدة، قامت على ما اكتشفت، وكشفت عنه، من ايقاعات الحياة، بما في ذلك ايقاعات حياة الانسان فيها.
إلا أن جبرا الذي مثَّلَ، في الآخر، مثل هذا الانحياز المعلن للرواية «فناً أدبياً»، ومن خلال أعماله التي ستُعدّ تأسيساً لاتجاه جديد في الرواية العربية (كان أن أخذت بعض حقها في الدراسات الأكاديمية التي قُدّمت عنه)، فإنه لم يُقرأ بوصفه مؤسساً لاتجاه في الرواية جدير بالتأمل أطول، ليكون «مدرسة». فهو في الوقت الذي أخذ على بداياتها التجديدية خلوّها مما سمّاه «الموضوع الكبير» الذي يشرحه بقوله: «الموضوع الكبير، في كل فن متكامل، هو في النهاية موضوع مأساوي. إنه الموضوع المنبثق عن حسّ الانسان المأساوي بالحياة…» (الرحلة الثامنة: 97ـ 98) كان أن رأى أنه «إذا كان للرواية أن تنبثق عن تجربة الفرد والجماعة، من ناحية، وأن تفعل فعلاً دينامياً في حياة الفرد والجماعة، من ناحية أخرى، فلا بدّ لها، في ما أرى، أن تنشط كعمل فني على مستويين اثنين، هما:
أولاً، مستوى الواقع (الفن مرآة المجتمع.. إلخ)
ثانياً، مستوى الأسطورة.» (الرحلة الثامنة: 104)
ويجد أن «المستوى الثاني في غاية الخطورة، ولا يتحقق بيسر، بل إن المستوى الأول (الظاهر)، حيث يحاول الروائي إعادة خلق الواقع في شكل متنامٍ متكامل، قد لا يتحقق بنجاح، نفسياً، إلا بتحقيق المستوى الأسطوري المضمَّن.» (الرحلة الثامنة: 105) وقرن النجاح في هذا كله بتكامل البناء الخارجي للعمل الروائي.
j h j
ومع أنه يمكن القول إن في شخصيات جبرا الروائية الكثير من جبرا الانسان والفنان والمبدع.. إلا أنه لا يدع هذا «الجانب من الذات» يهيمن على شخصياته الروائية، أو يصادر حرياتها.. بل كثيراً ما نجده يترك لها «باب التمرد» مفتوحاً، حتى عليه، هو «صانعها». كما نجد في هذه الرواية أفكاره ورؤاه، إلا أنه يعمل على أن يجعل منها «أفكاراً متمثَّلة» من قبل الشخصية الروائية بوصفها «حقائق» لها دلالاتها العامة أكثر من كونها ذات طابع شخصي بحت. ومهما حاول الابتعاد بغير شخصية من شخصياته، وفي غير رواية من رواياته، عن «حدوده الشخصية»، فإنها تبقى أقرب الى «الشريك» الذي يقاسمه الرؤية والموقف.
وفي شخصيات جبرا الروائية الشيء الكبير من الواقع. فهي غالباً ما تكون ممن عرف أكثر من كونها «مما يتخيّل»، وإن أضفى على حياتها ومساراتها في الحياة شيئاً من عناصر الخيال التي تحكم عمل الروائي. فهو، ومن خلال شخصياته، يعمل على أن يوصل الى قارئه أكثر مظاهر الحياة حيوية، (والى حدّ ما غرابة!)، من دون السقوط الى «الواقعية» (فهو يرى أن الكاتب، رؤية نقدية ودوراً، «مسجّل لحياة المجتمع»، وفي الآن نفسه «خارج على المجتمع»، و«مراقب لمأساة الحياة في المجتمع»، كما هو «رأس جسر لانطلاق المجتمع» ـ الحرية والطوفان: 171)
وغالب شخصياته شخصيات لها «هويتها».. قد تكون «هوية اجتماعية» بما لها من حضور ودور.. أو «هوية وطنية» ذات أبعاد موقفية.. وقد تكون «هوية ثقافية» تلتزم بحقائق، وتأخذ نفسها بنظام من التفكير والتوجه. فهي شخصية تحمل خياراتها، وقد يحكمها التطلع الى أن تجعل من هذه الخيارات «مشروعاً تغييرياً» على أرض الواقع، او في رأس الانسان.
كذلك لشخصيات جبرا «استقلالها الذاتي»، حتى وإن وقعت تحت تأثير (أو سطوة) من هو أقوى حركة وأكثر نفوذاً منها.. إذ نجدها تتمنع على «الامتثال» ما استطاعت. وفي الحالات جميعاً، يظل للواقع عندها بُعده ومعناه، فضلاً على محاولاتها أن تضفي عليه شيئاً منها بما يجعله نظير احساسها. ومن خلال هذا كان يبني «العالم البديل»، كما يراه ويريده. فقد كان يدعو الانسان الى أن يكون بنفسه، سواء كان فناناً، أو أديباً، أو صاحب رؤيا، من دون أن يغفل الاشارة، ولو تلميحاً، الى أن عالم اليوم، والانسان فيه، محروم من المعنى الأعلى الذي تتطلع إليه حياته، لأن الانسان، في نظره، كائن ذو معنى.. وهو يحمل هذا المعنى رؤية للحياة، ورؤيا في الحياة، ويهجس به دلالة وجود.. وهذا المعنى، عنده، هو ما يرقى بالانسان ذاتاً.
وهو إذ تكلّم على «الرواية البوليفونية»، ومثالها روايته، إنما كان يتكلم على «معنى الحرية» وأبعاد تحققها في هذا العمل الفني، بما يضمن تعدد الأصوات الذي يحقق أكثر من رؤية للحياة والواقع، ولا يصر رؤية الانسان وتفكيره في بعد واحد.
j h j
ونظر في الفن التشكيلي من خلال عمل فنان كبير مثل جواد سليم الذي وجد أن قيمة أعماله «الفنية متعددة الأوجه: فهي، أولاً، قيمة مطلقة تشير الى ذهن فذ وخيال فذ. وهي، ثانياً، قيمة تتصل بتراث الفن العربي القديم والفن العراقي الأقدم. وهي، ثالثاً، قيمة تتصل بالبحث النفسي الدائب في أمة تستفيق فجأة فتريد أن تحقق ذاتها، وتوطد قدمها في عالم اليوم.» (الرحلة الثامنة: 188)
ويؤرخ انطلاقة الفن التشكيلي في العراق، برؤيته الجديدة هذه، بما وجد البلد عليه وقد «جعل يتحسس قواه ن جديد…»(الحرية والطوفان: 231) فيتساءل، وهو يكتب عن هذا الفن (العام 1958)، عما إذا كنا سنرى «عن قريب ما لنا أن نسمّيه «مدرسة بغداد» في الرسم والنحت» (232)، ليجد البشارة تحملها إليه «جماعة بغداد للفن الحديث» التي أسسها جواد سليم العام 1951 ـ وكان جبرا من أعضائها المؤسسين ـ وقد أكدت هذه «الجماعة» ان فنانيها في الوقت الذي هم فيه «لا يغفلون عن ارتباطهم الفكري والأسلوبي بالتطور الفني السائد في العالم»،فانهم «في الوقت نفسه يبغون خلق أشكال تُضفي على الفن العراقي طابعاً خاصاً وشخصية مميزة». (الحرية والطوفان: 235) وهو ما كان: فقد «شهدت بغداد حركة عجيبة في الرسم، حركة برز فيها عدد من الرسامين الذين لم يكن تجديدهم وابداعهم مصادفة طارئة، بل نتيجة لدرس جدي وفهم لمرحلتهم التاريخية قبل أن يُدركهم انفصام المجتمع الداخلي في السياسة..» (الرحلة الثامنة: 10) مشيراً بهذا الى ما حصل في أعقاب 14 تموز 1958.
j h j
من هنا سيتميز ما كتب من نقد التشكيلي عما كتب من نقد في الفنون الأخرى (وابرزها الشعر والرواية). فهو في ما كتب في هذا الفن كان أن عبّر عن «رؤية تجاوز واقعها»، إذا جاز التعبير. أي أنه لم يكتف بالتعبير عن واقع هذه الحركة كما هو متعيّن في أعمال فنانيها، وإنما كان يستغور الرؤى الكامنة لفنانيها، مع حرص واضح على أن يُحكم روح التواصل بين تجارب الفنانين أنفسهم، على اختلاف أجيالهم، مؤكداً حالة التواصل بين الأجيال، وعلى فكرة الاضافة والتجاوز، لنجده يرى، وهو يقرأ تجربة الستينات في هذا الفن، أن رهافة الخط في أعمال فنان مثل ضياء العزاوي «تُذكّر المشاهد برهافة الخط لدى جواد سليم»، كما وجد أن رحلة الفنان في حركتها هذه، هي في «مدار آخذ بالرحابة: رحلة وجدانية جريئة» عبر اكتشاف يوسّع «مدارك الانسان الى ما لا نهاية.» (ينابيع الرؤيا: 176)
كما يرى في فنان آخر (راكان دبدوب) فناناً يتمتع بالحسيّة، «والحسية لديه متصلة بالفكرة التشكيلية نفسها التي يستخلصها تجريدياً من معرفة الأجسام والأشياء معرفة حارة، فرحة». وأما قدرته الفنية فيجدها «في قدرته على الاقتصاد في الخط واللون.» (ينابيع الرؤيا: 181)
ولعل هذا هو ما جعل من كتاباته في الفن التشكيلي جزءا لا ينفصل عن الكل العام للتجربة الفنية ـ التشكيلية في الفن العراقي المعاصر من منطلق كونها كتابات دارت بين لحظتين ابداعيتين، هما: لحظة الرؤية النقدية التي تشارك الفنان رؤيته الإبداعية (النظر في العمل من داخل العمل)، ولحظة وضع هذا العمل، من خلال الكتابة عنه، ضمن زمنه الابداعي. وهذا هو ما جعل ما كتب في الفن يقدم مؤشراً بالغ الدلالة عن مرحلة فنية كانت، سواء في فجر انطلاقتها أو في تناميها وتطور أساليب فنانيها، من أغنى ما عرف الفن العربي من مراحل العطاء الفني.
فضلاً على هذا، تضمنت كتابات جبرا في الفن التشكيلي ضبطاً للمعايير الجمالية في الإبداع الفني، هذه المعايير التي تشكل، بذاتها، قيمة فعلية في الفن ـ وهو ما أتاح له، ناقداً، أن يتحرك بما كتب خارج ما هو محدود أو محدد، بما جعل من الفن، بحسب منظوره الفني ـ النقدي، مشروعاً لا يكتمل إلا بالتواصل الدائم والمستمر مع زمنين أساسين، وهما:
ـ الماضي الذي وجد في تراثه الفني والحضاري روحاً دائمة الحركة، فإن لم تتخط الأمكنة (من حيث طبيعة التكوينات وخصوصيتها التاريخية)، فإنها تخطت الأزمنة لتكون لها دلالتها الفعلية في الحاضر، عند فنان اليوم (كما وجدها تتمثل، على هذا النحو، في عمل جواد سليم).
ـ والمستقبل الذي تشكلت رؤيته له من خلال بناء الرؤيا الفنية الجديدة فيه، المؤسسة لفن جديد، بكل معاني الجدة، التي تتواصل تطوراً.
j h j
في ما كتب جبرا من نقد، لم يكن السؤال فيه: ما الذي يريده الناقد من المبدع؟ وإنما كان بحثاً من «المبدع ـ الناقد» عن ذاته الابداعية في ما يمكن أن يتحقق لها من لقاء، أو تكامل في الرؤيا الابداعية في «إبداع الآخر ـ المقروء». ومن هنا فإن «مشروعه النقدي» موازٍ لـ«مشروعه الابداعي». فالنقد، هنا، جزء من سياق ابداعي، يحمل «رؤية المبدع» أكثر مما يحمل من «منطوقات نظرية». فهو في نقده، كما أكد غير مرة، كان يدافع عن أسلوبه في الكتابة ببعدها الابداعي، أو ـ كما أراد ـ يوحي «بالأسلوب الذي يجب أن يُتّبع.»
ومن هنا، على ما أرى، نبعت موضوعات ثاني كتاب نقدي له، وَسمَهُ عنواناً بـ«الرحلة الثامنة» (1967)، وهو عنوان ينصرف الى الابداع جوهراً ـ وقد أكد ذلك في التقديم الذي جاء فيه قوله: «إذا كان السندباد قد قام بسبع رحلات عبر البحار العاصفة والمجاهل الرهيبة، مدفوعاً بقلق كوني الى البحث المستمر، فإن المؤلف في هذه الرحلة الثامنة يدفعه قلق ابداعي الى بحث لا يقل خطورة أو مشقة عن بحث السندباد. هو البحث عن أسلوب تتحقق به سمات الحداثة التي باتت جزءً ظاهراً من تجدد الذهن العربي.»
وإذا كان في ما كتب من دراسات ومقالات نقدية، سواء في هذا الكتاب أم في سابقه (الحرية والطوفان) والكتب التالية عليه، قد ركز على عناصر الحداثة وأبعاد التجديد، نصوصاً وأعمالاً متحققة في ما هو كشف خلاّق في الأدب والفن، فإنه لم يكن في هذا كله إلا متمثلاً ذاته الابداعية.. فالكثير مما كتب في هذا السياق لم يكن غير تفسير لذاته الابداعية، ولعمله الابداعي. وقد شدّد القول، بصريح العبارة، إن ما كتب من نقد لم يكن إلا دفاعاً عن طريقته في الكتابة والتفكير.
وإذا ما تمعنّا أكثر في أعماله الروائية سنجده «يُحيل» الكثير من أفكاره النقدية ورؤاه الابداعية الى «شخصياته»، جاعلاً منها صلة وصل بينها وبين العالم.
إلا أن هذا لا يعني أن النقد عنده «ذاتي صرف» رؤية وغاية، وإنما كان، الى جانب ما ذهب في تأكيده، سعي الى خلق ذائقة نقدية قائمة على أسس ابداعية صحيحة وسليمة، ولا تبتعد عن روح الابداع وجوهره.
j h j
كان جبرا مثقفاً ثنائي الثقافة من حيث التكوين. فقد أخذ الثقافة العربية في أصولها الحية عن أساتذته في «الكلية العربية» بالقدس (ابراهيم طوقان، واسحاق موسى الحسيني، وأبو سلمى ـ عبدالكريم الكرمي، وقبلهم عن الشاعر عبدالرحيم محمود). كما أخذ الثقافة الأنغلوـ ساكسونية عن كبار مبدعيها ونقادها في «جامعة كيمبردج» البريطانية، ليواصلها بالثقافة الأحدث في «جامعة هارفرد» الأمريكية… فكان كبير الاهتمام، والتواصل مع الوجوه المتعددة للثقافة في بعدها الانساني الشامل. وفي ما ترجم من أعمال نقدية وابداعية كبيرة الى لغته العربية كانت اختياراته قد تركزت ما يتوافق والمسار الثقافي الذي اتخذ، معززاً هذا المسار، الذي أراد لثقافته العربية أن تتخذه، برؤية الآخرـ الذي كان يتعاطى مع ثقافته كونها ثقافة الانسان المعاصر في العالم المعاصر. ومن هنا جاء تأكيده أنه لم يترجم «إلا عن حب… وكل ما أُترجم لا أتصدى له إلا إذا شعرت … أنه رئة لي أتنفس بها، وأنني في عالمه كأنني في عالم من صوري وهواجسي، مهما يكن في ذلك من وهم.» (ينابيع الرؤيا: 52)
وإذا كان التكوين الأول له، كما هو عهد مجايليه بالثقافة والتكوين الثقافي، قد انطلق من الرومانسية حركة أدبية تجديدية بامتياز، فإنه في نظرته إليها، وتفاعله مع معطياتها، كان أن أخذها مقرونة بالثورة والتمرد.. ولعله بلغ الأسطورة، بعداً رمزياً غنياً بالمعاني والدلالات، من طريقها.. فهي، كما يراها، حركة «تُجلّ الأساطير» انطلاقاً مما رأت فيها من رموز «دائمة الحيوية لأماني الانسان، وتُجلّ الأرض لأنها تمنح شعبها وجهاً يتجدد مع الزمن، وتستمد بعض صورها وخيالاتها مما في الانسان من لا عقلانية الحدس والمعتقد، لأنها تتجه دائماً نحو الخلق الذي يظل في مغلقاته سحر شافٍ للانسان.» (الحرية والطوفان: 96)
ولا نجده يبتعد عن الرومانسية في شيء وهو يجيب عن سؤال: «ما الذي نبغيه من الحياة؟» فيقول: «إذا كنا يقظين، نصغي الى الأصوات القريبة والبعيدة، ونرى المسافات الشاسعة تحتوينا كما يحتوي الجوّ ذرات الغبار، ونشعر الى ذلك بأن الأشجار تستمد عصارتها من دمنا، والأزهار تعكس ألوان وجوهنا، وجدنا أننا، في الواقع، ملتقى قوى هائلة، دقيقة، تفعل في وعينا، وأن وعينا تغزوه الآلام فتزيد من نشاطه وجدّته.» (الحرية والطوفان: 143ـ 144)
الانسان عنده هو قدرته ورغبته.. ولذلك فهو في ما «يرتكب» من أفعال لا يخرج في شيء منها على «غراره الانساني». فهو مدرك نجاحه وانتصاره إذا ما نجح وانتصر.. كما أنه يدرك اخفاقه، إذا ما حصل له اخفاق. وهو يرى ان الحياة بقدر ما تنفتح للمبدع فـ»يؤرخها» بابداعه، فإنها، وبالقدر ذاته، تنفتح للانسان ـ الذي لا نجده في أعمال جبرا الروائية انساناً عادياً، وإنما هو، غالباً، مؤطر بروح المغامرة، تماماً كما هو الفنان الحقيقي.
لذلك نجده يحافظ على شخصياته، ويحتفي بها، ويعضدها في ما تتخذ من دروب الحياة. فهو لا يوجدها ويتركها مطلقة، تلعب بها صروف الزمن، أو تعبث بمصائرها. إن لشخصياته بواعث، واهدافاً، وتحكم حياتها غايات محددة. ومن منظوره لدور الفنان في تغيير العالم من طريق فنّه، نجده يجعل من «شخصياته» هذه عاملاً فاعلا في عملية التغيير هذه. ألم يقل «كامو» إن «الرواية تصنع مصيراً»؟
j h j
وإذا شئت التلخيص، سأقول: إن حضور جبرا، في تفكيره وتعبيره، كان حضور المبدع في فرديته، وإن تشابك في عمله الابداعي مع اللحظة الزمانية التي انطلق منها، وكتب فيها/ وعنها. كان ناقداً في ابداعه، مبدعاً في نقده. وكان مجدداً رائداً، والتجديد عنده يعني التأسيس للحظة ابداعية جديدة، إن في الفكر والتفكير او في الابداع. أما المبدع فهو عنده بحضوره الخلاّق.
ولم يترك للموت فسحة في حياته فيستبد من خلالها بتفكيره، على الرغم من أن الموت أصبح يطرق عليه صدره، وبشكل ملح، في سنواته الأخيرة. كان يهجس ضرباته، فيغايرها بقوة الحياة في داخله، وكلمته. فهو كما لخص نفسه يوماً، واضعاً إياها «في اطار من هذا العالم الكبير»، قال: «الحياة مهنتي وهوايتي معاً. أشعر أنّي فتحت صدري وعقلي لأناس كثيرين، وكان في صلتي بهم دائماً حرارة ايجابية تجعلني أريد أن أفهم وأتعاطف معهم، أو أتفاعل… بما يعقب ذلك دائماً من حب، أو خيبة، أو مرارة وغضب. هذه كانت دروبي الى الرؤيا النهائية، والتي هي: جبرا ابراهيم جبرا.»
ماجــد الســــــامرائي
ناقد من العراق