آني سالاجيه شاعرة فرنسية ولدت في باريس لكنها تقيم في مدينة ليون. انها صاحبة أعمال وفيرة لها طابعها الخاص والمميز. حازت جائزة رونيه بليك في بلجيكا سنة 1963 على ديوانها الأول، وسنة 1973 نالت جائزة جان كوكتو، وسنة 1999 حازت جائزة لويز لابيه، وفي 2011 جائزة مالارميه. نشرت 15 مجموعة شعرية، ثلاث مجموعات قصصية، ورواية واحدة. كذلك اسهمت في ترجمة العديد من الأعمال الأدبية عن الإسبانية. كما شاركت في الأنطولوجيات والمجلات العديدة. من ناحية أخرى، كتاباتها موضوع أبحاث وترجمات. هي ايضاً عضو في لجنة تحكيم جائزة روجيه كوفالسكي.
1
ثلجٌ اكثر سواداً من الأسنان يذوب في الأفواه
هل لأن الفيول لن يأتي إطلاقاً هذه السنة
في موسكو منشغلون كثيراً
لقد ساوموا على جزمات الفرو وعلى الجلود
الرياح التهمت أوراق شجر السندر
يجب ان نذوّب جليد أغطية السماء المتجمدة أمام الأبواب
حيث بُقعُ الصيف السيبيري الوجيز أخذت تمّحي
وفي مكان غير بعيد الغواصات الذرية تصبح
صدأة في مخيلة السهرات الطويلة
بينما الناس ينظرون وهم يزوغون بنظرهم
فيرَون المدن- المنيرة في حلزونيات التبغ من خلال التلفزيون.
2
انها تدلكه على ركبتيها انها تنفخ
فيه ضغط الأنهر وبشيء من التراب والرياح
ونشاط الجبال هي تدهنه
بالحياة على إيقاعات الكوزموس
يداها تعطيان للصغير القوة
التي ستحميه من برد الأمراض
ومَن يدري حتى أيضاً من ألم العزلة
الربلتان والفخذان والظهر كلها تلمع من الدهن ومن اللذة
وعندما تبتسم الأم لعابر سبيل يتوقف طويلا ًً
وهو يبدو ناضجا ً عندما ينفخ فيه عطر البرتقال
حتى لو لم تكن هذه الشجرة
بالضرورة نيبالية.
3
المرأة ترفع كرنيبا ً مليئاً بالماء لحاجة النهار
حول البئر الرملُ يتشرّب حبات الماء التي هُدرت
ماما الأمطار من سيعيدها ؟ اولئك الذين يَغتصبون ويرسلون من دون رحمة المرأة الى الأجداد الأولين حرقوا القرية والدُخنَ
والمرأة قرب البئر تعرفهم
هذا الرز ليس لكم اغربوا عن وجهي !
-ايتها الجارة كنت تنامين كسولةً َ ؟ آن الأوان كي تأتي الى البئر !
-بطنه يؤلمه ولدي الصغير عيبٌ عليّ حليبي جفّ
-هيا اشربي سريعاً الماء الذي يأتي بالحليب انا لست عطشاناً
انهن يُسكتن افكارهن وينظرن طويلا ً
الى محيط التلال الغبشة بصباحٍ انفجرَ للتو حرارةً شديدة.
4
لا بد ان زانغ هدر حياته من اجل تفاهات
والآن وقد أصبح عجوزاً أخذ العالم في عينيه المغلقتين
يطلع كنبع الصخرة
يرى ان الأرض ناعمة عند الملامسة خشنة
في الزمن الذي تشتغله الحياة
يحاول ان يقرّب النفَس
الذي يغذي حجر الجاد الكريم ويموت
النبع عند تناقصه نحو المحيط
يمكن زانغ ان يفكر في الفراغ الآن
الذي يجمّل هيكل السماء
كما تفعل حبة الندى على قش البامبو
5
غير نقي ايضاً وهو رفيقٌ قريب جداً الماء
العنيف يبرّد وجنتيه
لم يعد يعرف كيف تتدحرج الأمور
في اضطراب داخل جسمه او
تحت كلمات نهر السين المجرحة كيف
لم يعد يعرف لكنه يشعر بتياراتها
سريعاً قبل الشرطة المنزل أو الموت هذه الليلة
يشعل نار الأغصان هذه وينتظر
وما من نظرة نحو أصابعه التي يدفئها
منذ زمن طويل البرد وحده يجيب على هذا البرد
يترك له الحوافي والبؤس رفاقاً له
6
ناي الراعي المقرفص يتكلم إلى الوادي الأسمر
حيث ما من أحد يمرّ وفي صمته هو مرتاح
الهواء يأتيه في زوبعات صمّاء
موجة الهمجيات لكنه هنا يشعر بالراحة
اغنيته عن المنفى تلفه في كومة من الصوف
تجعله يفهم افضل من ذي قبل كل ما يراه
في حال تفككت موسيقاه في البرد
فهو ينسج من جديد اللحم المدوّي
حيث تهمس الآلهة القديمة والنار
الوحل المجمّد والذرة التي لا تعطي إلا نادراً تقول ايضاً
ان المرء يموت من اجل لا شيء في جبل البونا في اعالي سلسلة الأنديس.
7
لكن العطاء كيف له أن يفرّق
في ارجاء الأرض المذهبة
والروح العاشقة الماء
حيث الغزالات هي حارسات العطش
كيف للعطاء أن يفرّق ؟
تقولين : انا الأرض ايضاً
حيث الذهب والماس والبترول والشواطىء
حيث انسى رقم الوقت
وجسدي يتحمل ما هو بشري
هذا الذي قد يموت لو كان يعرف ان يقيس عذابه.
8
انها تثلج في فمه دبُّ الجدّ عارض الدببة
هل دهسه للتو هل كان تحت شجرة الخوخ المزهرة
في كورسولا عند جدته لكنها تثلج عكس الأرض
جسده حوله شبيه بريش متناثر
برانكو يلمس الماء اللزج على بطنه الحار جداً
يريد ان يصل الى النهر وان يجلب الماء
الى زوجته التي كانت تتوسل : …الجنود… انتظر الليل…
لسنا فئراناً لكي نمضي الشتاء تحت الأغصان
آه النور النقي. دم أحمر، حبٌ، حبٌ
هل كان لا يزال طفلاً، هل كان يحلم ؟ كان قد تعلم للتو شاعراً
إغريقياً في المدرسة : الجسد سماءٌ، ما من طيران يهلكه
9
هل هو مجنون ام احمق هذا الرجل كان يقول
اننا سنتعلم نحن البرابرة
خارج التصنيف نكون
في مدننا الهائلة وفي شبكاتنا
كما عند تخوم الصمت
سوف نتعلم ان نحب الحياة
ان نهدّىء موجة الوجوه
وهي دائما ًغير مكتملة وأن النور
نُسج في الدنيا وهو يبقيها حيةً
أن النور هو روح العالم
وأننا سنلعب لعبة المحاولة مرة أخرى.
10
وكان الأحمق يضيف قائلاً
ان النجمة المكوَّنة منّا
عجزت عن الولادة
انها عُجنتْ بالعنف
عجزت عن الولادة لكنها
تنبض حياةَ عند ألوان العالم
كان هذا واضحاً في رأيه
غصن شجرة كرز ٍ يعمل فيه
النحل والرحيق
اليوم هو يختصرها
وللمستقبل الإلهي قد تكفي.
11
سوف أذهب الى سانتياجو في كوبا يا لوركا
لكن منذ زمن طويل القصيدة تتفكك
صامتة تحت مفتاح الصوت
الكلمة الرسمية لم تعد تتطابق مع
مياه حجر الجاد ولا مع تهكم الجلد الهش
رجالٌ من دون اسم ولا تاريخ اردوا بالرصاص
لأسباب خاصة بالدولة سوف أذهب… مقبرة كولون ممر «ك»
من حياتهم لا يبقى سوى العظم في الشمس الغائبة
عظمُ قصب السكر والغوافة والتبغ والدم
عند شمس العَرَق يبقى عظم المكان.
12
حيث نفناف الثلج البلوري يتراقص
تساقطٌ غير ملموس على الأرض المسطحة
هناك يكون الصديق الأفضل
كان يقول ميلاريبا انها الأماكن الخالية في الجبال
الصديق يختلط بأصدقاء آخرين
حيث تيارات تتفاعل
على البحار والمحيطات
انه يؤمن بما يراه من مجاري الهواء
تلك الميؤوس منها رغم قرن كامل من الحديد
لو لم يختاروا اللامبالاة واللاحركة
كان يقول ميلاريبا اين كانوا سينجزون طموحاتهم.
13
قبابيب من نبات الغرامينيه جلدُ حيوان من النور
لون السهوب والرياح
خفيفٌ ذو عيون شمسٍ سوداء
غزالة من افريقيا او من أي مكان آخر
حياتك صعبة وكل تلك الحيوانات المفترسة
تنتظرك عند نقطة المياه الموت الحياة
ترتجفين رغبةً وخوفاً عند موعد اللقاء
حيث أتت النجمة لتشرب من جميع أرجاء
الأفق النجمة اتت لتشرب
مع المطرب وطبوله المقدسة انها طبول الأرض
بآلهة مياهها وبرفقة الرائي
ذي العيون المغلقة
كافيه بغداد
في منتصف الطريق طلع مقهى في قلب الصحراء
سرابٌ من الظلال ونداوة كانا اجمل هدية
حيث التراكم لأشياء كثيرة من مخلفات الأعمال الحرفية المحلية
كانت تضع نتوءات النهار بين مقاعد
من هنا وطاولات واطئة من هناك
كل انواع المشروبات المرطبة كانت في الانتظار
لكن كان ثمة شيء آخر هو في الحقيقة
ضئيل جداً
متوازٍ خلف المقهى
شجرة دراق صغيرة ومزهرة
في مأمنٍ من الرياح لا شك
ثمة عملها الفاني
الذي كان يتفجر نسغاً وسماءً
زرعها البشر واعتنى بها وسقاها
كان أيضا ً هنا من أجل لا شيء
إشارة كانت تبتلع ذاتها
تأملتها بعينين مغمضتين
شجرة دراق صغيرة حيث ينبجس
الحضور وجوهرة الفراغ
بالميرا
عشرات القرون كانت تصعد بسرعةٍ
الهندسةُ الريّ الشعرُ الموسيقى
كانت هنا مختصَرةً في بياض هش
بياض بعض شجر الكرز ولحظةُ شذىً
هل كانت تحتوي على التاريخ العظيم
وهل كان يكفي ان نتأمل
على حاضر الزهور كان يجيب المجيء
غير المرئي لخيط طويل جداً من الوقت
يأتي عبر واقع فوري سرعان ما يتوارى
في عدم المعرفة والنسيان السريع.
2
انهما يتداخلان في
لون أحمر محروق
تركُ الصحراء لمصيرها
والإهمال الذاتي للآثارات
البطيئة والعالية التي يتشرّبها
الرمل وهو يزينها بالنسيان
حتى لو ان اقتلاعه الذاتي من مكانه وتبديله
وطريقته المتواضعة في سكن هذا المكان
يؤكدان على وجودها على شكل آثار
ويشيران الى هشاشتها تحت وطأة القرون
المتشبثة بالبناء والنهب تعاقباً
الصحراء تري ما هو باق
اعمدة عملاقة هياكل محسوبة ومقصبة
على نفس الرمل الجليدي او الساخن
على ضعفه على ساعته الرملية المصنوعة
من لا شيء.