1- نيازي مصطفى في اول افلامه
كان فيلم "سلامه في خير" الذي انتج وعرض عام 1937 ثالث فيلم روائي من انتاج ستوديو مصر الذي افتتح عام 1935، وأول فيلم روائي من اخراج نيازي مصطفى واول فيلم سينمائي يقبل عليه الجمهور من تمثيل نجيب الريحاني، وأول كوميديا سينمائية مصرية ناجحة من الناحية الفنية في نفس الوقت.
استعان طلعت حرب في تأسيس ستوديو مصر بالعديد من الخبراء الأجانب، وكان اغلبهم من ألمانيا مثل المخرج فريتز كرامب، ومصمم المناظر روبرت شارفنبرج. وقد تردد أن هؤلاء الخبراء الألمان من بين الذين هاجروا من ألمانيا بعد نجاح الحزب النازي في الانتخابات عام 1933، ولكن لم يتأكد هذا الأمر، ونحن بصفة عامة لا نعرف إلا أقل القليل عن حياتهم وأعمالهم في السينما الألمانية قبل أن يهاجروا إلى مصر، أو بعد ذلك.
كان نيازي مصطفى من المصريين القلائل ضمن القيادات الفنية لاستوديو مصر منذ افتتاحه حيث بدأ العمل رئيسا لقسم المونتاج، وأخرج عدة افلام قصيرة قبل اخراج فيلمه الروائي الأول. وقد تدرب على يديه في المونتاج والاخراج عدد كبير من الذين اصبحوا بعد ذلك من كبار مخرجي السينما في مصر مثل صلاح ابو سيف، وحسن الامام وابراهيم عمارة واحمد كامل مرسي وغيرهم. ومن القيادات الفنية المصرية في ستوديو مصر أيضا مهندس الصوت مصطفى والي الذي بدأ رئيسا لقسم الصوت، ومصمم المناظر ولي الدين سامح الذي عمل في قسم المناظر، وكان نيازي ووالى وسامح اول ثلاثا مصريين درسوا السينما في الخارج دراسة اكاديمية كل في تخصصه، وكانت دراستهم في ألمانيا، وقيل إن طلعت حرب التقى بهم هناك.
وتذكر عناوين الفيلم ان القصة من تأليف ستوديو مصر، والسيناريو والحوار من تأليف بديع خيري، ونجيب الريحاني. وقد كان المقصود من نسبة قصة الفيلم الى الاستوديو انها عمل جماعي للعاملين في قسم السيناريو، ولكن الفيلم مثل اغلب مسرحيات بديع خيري ونجيب الريحاني كان تمصير المسرحية فرنسية من العصر الذي يسمى عصر المسرحيات محكمة الصنع في تاريخ المسرح الفرنسي أو «الفودفيل»، أي المسرحيات الخفيفة التي تكتب لنجوم التمثيل، ومن المرجح ان تكون هناك مسرحية بنفس العنوان " سلامه في خير" قدمتها فرقة الريحاني على المسرح قبل السينما.
عنوان الفيلم يعنى ان كل شىء أصبح على مايرام، فعندما كانت تتعقد الأمور ثم تحل يقول احدهم: في النهاية سلامه في خير وخير في سلامه، بمعنى كانت أزمة وانتهت بسلام، وهذا ما يردده بطل الفيلم في اللقطة الاخيرة مع زوجته، وكما كان مفهوم القصة السينمائية ملتبسا الى درجة نسبتها الى الاستوديو، كان مفهوم السيناريو أيضا، فالمؤكد أن خيري والريحاني كتبا الحوار، ولكن التقطيع الفني أي السيناريو صنعه نيازي مصطفى باعتباره ضمن عملية الاخراج. فلم يكن السيناريو المكتوب غير تتابع المشاهد وبالاحري تتابع الأحداث مع الحوار.
سلامة (نجيب الريحاني) ساع في محلات خليل هنداوي (فؤاد شفيق) يكلف بتوصيل مبلغ كبير من المال إلى البنك ولكن مجموعة من المصادفات تضطره للعودة إلى منزله حيث يعيش مع زوجته ستوته (فردوس محمد) وحماته ومعه المبلغ الكبير. تقول ستوته أن لصا سرق أدوات المطبخ في الصباح، فيأخذ سلامة المال ويغادر المنزل، وينصحه أحد أصدقائه بالمبيت في فندق كبير، وايداع المبلغ في أمانات الفندق حتى لا يضيع.
يذهب سلامة الى الفندق في نفس الوقت الذي تستعد فيه الإدارة لاستقبال أمير ثري من بلاد بعيدة يدعى كيندهار (حسين رياض) وفي نفسر الوقت الذي يستعد فيه رستم بك (استيفان روستي) لاستقبال الامير على أمل أن يتزوج من ابنته جيهان (راقيه إبراهيم)، تطلب جيهان من خادمتها ناهد (روحية خالد) في الإسكندرية أن تاتي لها بمجوهراتها، وفي الطريق تتعطل السيارة التي تقل ناهد وتلتقي مع الامير كيندهار الذي يعرض توصيلها إلى القاهرة. وعلى باب الفندق يتصور مديره أن سلامة هو الأمير، ويستطرف الأمير اللعبة، ويردها فرصة لاختبار مشاعر ناهد تجاهه، ويتفق مع سلامة على القيام بدوره لمدة يومين.
يرى بيومي أفندي مدرس اللغة العربية (محمد كمال المصري) صورة جاره سلامه في الصحف على أنه الامير كيندهار، فيبلغ الشرطة، في نفس الوقت الذي يكتشف فيه خليل هنداوي أن سلامه لم يورد المبلغ الى البنك، ويجد سلامة في حقيبة المال عينات من القماش، تقبض الشرطة على سلامه، ويتدخل الامير في اللحظة المناسبة ليقول انه الذي اتفق معه على تمثيل دوره، ويأتي صاحب حقيبة العينات في اللحظة المناسبة ايضا، ويفتح الحقيبة فيجد المال الذي يسترده خليل ويدرك انه اتهم سلامه ظلما، ويحصل سلامه على مكافأة كبيرة من الامير وصاحب المحلات.
وفي الفيلم شخصيات أخرى مثل شقيق جيهان الساذج الذي يقوم بدوره حسن فايق، والذي يحب ناهد، ولكنها تفضل كيندهار وهى لا تعلم انه امير. كما يظهر عدد من المسكين في ادوار ثانوية منهم منسي فهمي، وفي ادوار قصيرة اقرب الى الكومبارس مثل حسن البارودي ورياض القصبجي وجمالات زايد.
للوهلة الأولى تبدو نقطة الضعف الاساسية في كمية المصادفات، ولكن المصادفات مقبولة في الكوميديا، ونقطة الضعف الحقيقية في حبكة السيناريو، وخاصة عندما تتكاثر الخطوط الدرامية ولا يتحقق التوازي بينها. وعندما يستطرد الفيلم في المفارقات الناتجة عن تصرفات الساعي الفقير وهو يقوم بدور الامير الثري. ولكن الاخراج يخفى عيوب السيناريو بالتوزيع الصحيح للادوار، وادارة المسكين الحاذقة، وحركة الكاميرا، والتكوين، والمونتاج المتميز، حتى يمكن اعتبار "سلامه في خير" ربما أول مصري يتخلص تماما من أساليب الاخراج المسرحية في بدايات الأفلام المصرية الناطقة.
يحاول نيازي مصطفى في الفيلم نقد بعض العادات السائدة مثل صخب الاطفال في المنازل، وعدم مراعاة الجيران بصفة عامة، والثرثرة في الهواتف العمومية، وذلك في إطار مفهوم ان السينما قادرة على تغيير العادات السيئة بتصويرها. كما يعبر الفيلم ربما دون قصد تام عن المناخ الثقافي في قاهرة الثلاثينات حيث نرى علاقة إنسانية جميلة بين الموظف المسلم الفقير سلامه وصاحب المحلات المسيحي والذي ينزعج من زوجته لرغبتها في اطلاق اسم جوزيف على ابنهما، وبين سلامه وموظف حسابات شركة المياه القبطي ارمانيوس، وبين سلامه وزوجته ستوته وجارهم اليوناني نيكولا، والذي ترى زوجته هيلين عندما يتم القبض عليه. والتسامح الديني والعرقي من سمات فن الريحاني في المسرح والسينما.
كان الريحاني واسمه الحقيقي ريحانه مسيحيا اختلفت المراجع حول أصله، فمن قال أنه من اصل عراقي، ومن قال أنه من أصل لبناني، أو من أصل مصري. وأيا كان اصله. وان كان اصل كاتب مسرحياته وأفلامه الشاعر وكاتب المسرح والسينما بديع خيري، وهو مسيحي ايضا، فهما معا من جيل ثورة 1919 التي رفعت شعار الدين لله والوطن للجميع، وكان علمها الخاص الهلال يحتضن الصليب. ويذهب بعض المؤرخين ان النجوم الثلاثة داخل الهلال في العلم المصري الاخضر، والذي ظل علم مصر منذ استقلالها السياسي عام 1922 إلى الوحدة مع سوريا عام 1958 كانت الهلال التركي وداخله الاديان الثلاثة اليهودية والمسيحية والإسلام.
كان «سلامه في خير» نقطة التحول الرئيسية في حياة الريحاني الفنية، فقبل هذا الفيلم كان النمط الذي عرف معا العمدة كش كش بيه، الذي يبيع القطن وينفق ثمنه في كازينو بديعه، وبعد "سلامه في خير" اصبح نمط الريحاني هو الموظف الفقير من الطبقة الوسطى، والذي نراه في كل افلامه بعد ذلك، وحتى وفاته عام 1949. والريحاني هو الضلع الاول في المثلث الذهبي للكوميديا في السينما المصرية في مائة سنة الى جانب اسماعيل ياسين نجم الخمسينات وعادل إمام نجم الثمانينات.
ومن ناحية أخرى كان فيلم "سلامة في خير" من أوائل الأفلام المصرية التي خلت من اي عنصر أجنبي من الفنانين او الفنيين حيث اجتمع ثلاثي ستوديو مصر نيازي مصطفى مخرجا وولي الدين سامح مصمما للمناظر ومصطفى والى مهندسا للصوت،وقام بالمونتاج جلال مصطفى شقيق نيازي الاصغر وتلميذه، وقام بالتصوير (أبيض وأسود 35م) محمد عبدالعظيم. وألف الموسيقى محمد حسن الشجاعي وعبدالحميد عبدالرحمن.
2- مدخل الى اسيا ودورها الراشد
الشائع ان آسيا داغر من مواليد 1912، وعند نشر خبر وفاتها. في "الاهرام" ذكرت الجريدة انها من مواليد 1904 (1)، ونشر سمير نصري انها من مواليد عام 1908 (2)، وكذلك احمد الحضري في كتابه «تاريخ السينما في مصر» من واقع مقابلاته مع ماري كويني ابنة » شقيقة اسيا (3)، أما اسيا ذاتها فقالت عام 1953 انها لا تذكر تاريخ ميلادها (4).
يقول فريد المزاوى أن آسيا جاءت إلى القاهرة عام 1923 بعد وفاة زوجها في بيروت (5)، ومن نعي الأسرة الرسمي في «الاهرام » يتضح انها لم تتزوج غير مرة واحدة. وان لها ابنة واحدة هي منى زوجة على منصور المحامي (6)، ومعنى هذا ان آسيا 1904 ايضا الاجماع على أن آسيا مثلت لأول مرة في فيلم «ليلى» عام 1927، ومن المنطقي ان تمثل وهي في الثالثة والعشرين من عمرها، وانها اسست شركة الفيلم العربي عام 1928، ومن المنطقي ان تؤسس شركة وهى في الرابعة والعشرين.
وهناك اجماع على أن آسيا جاءت الى القاهرة مع ابنة اختها ماري يونس، والتى عملت معها في التمثيل باسم ماري كوينى، ويذكر نعي الأسرة في الاهرام «انها قريبة عائلتي داغر ويونس في لبنان (7). وينفرد احمد الحضري بذكر ان الاسم الحقيقي لآسيا هو «الماظة »، وانها جاءت الى القاهرة، ثم لحقت بها شقيقتها مارى وابنتاها ماري وهند يونس، وان هند بدورها مثلت مع اختها ماري وخالتها اسيا (8)، وقد عادت هند الى بيروت وتزوجت قيصر يونس الذي كان من أوائل اللبنانيين الذين احترفوا توزيع الافلام، وكان يتولى توزيع افلام آسيا في لبنان وسوريا، ولعل هذا ما جعل آسيا تطلق على شركتها "شركة الفيلم العربي".
ولدت الماظة داغر المعروفة باسم آسيا في بلدة تنورين في لبنان في يوم ما ليس معروفا بعد من ايام عام 1904، وجاءت الى القاهرة عام 1927، ومثلت أول ادوارها في فيلم "ليلى" عام 1927، واسست شركة «الفيلم العربي» عام 1928، وقد عملت ممثلة ومنتجة من عام 1929 الى عام 1946، ثم تفرغت للانتاج بعد ذلك، وتوفيت في القاهرة يوم 12/ 1/1986 عن 82 عاما وتمت الصلاة على جثمانها في الكنيسة المارونية بمصر الجديدة (9).
بدأ الثلاثي اسيا وماري وهند بالتمثيل معا. ولكنهن اعتزلن التمثيل الواحدة وراء الاخرى: هند، ثم آسيا، ثم ماري، وقد جربت منى ابنة آسيا التمثيل ابتداء من عام 1945، ثم اعتزلت بدورها، وفي عام 1940 تزوجت ماري من المخرج احمد جلال، واسسا معا «شركة افلام جلال» واسسا معا "ستديو جلال "، وتفرغت ماري للانتاج، وبرعت فيه مثل خالتها. وفي نفس هذه الفترة قامت آسيا بتغيير اسم شركتها من «شركة الفيلم العربي» الى «شركة لوتس فيلم»، وربما كان هذا بسبب استقلال عمل آسيا عن ماري كويني، وربما يرجع الى حصول اسيا على الجنسية المصرية عام 1933، ورغبتها في التأكيد على الانتماء لمصر باختيار زهرة اللوتس الفرعونية اسما ورمزا للشركة. وكما اشهرت ماري اسلامها قبل زواجها من احمد جلال، كذلك فعلت منى قبل زواجها من على منصور.
وقد انجبت ماري كويني من احمد جلال ابنهما نادر الذي تخرج في المعهد العالي للسينما واصبح مخرجا.
وحسب فريد المزاوى مثلت آسيا وانتجت 15 فيلما من عام 1929 الى عام 1946، وانتجت دون الاشتراك في التمثيل 72 فيلما من عام 1940 الى عام 1971، وقامت شركتها بتوزيع 3 أفلام عام 1952، كما عملت آسيا منتجة فنية لفيلمين من انتاج القطاع العام عامي 1969، 1970 (10).
والافلام الـ(15) التي مثلتها اسيا منها عشرة مع ماري كويني وعشرة من اخراج احمد جلال، وقد سبق الافلام العشرة التي اخرجها احمد جلال فيلم من اخراج وداد عرفي، وآخر من اخراج ابراهيم لاما، وكانت الافلام الثلاثة الباقية هي آخر الافلام التي مثلتها آسيا. وكلها من اخراج هنري بركات الذي عمل مستشارا فنيا لشركة لوتس فيلم منذ عام 1942 الى عام 1955، وفي هذه الفترة ذاتها لم تمثل ماري كويني غير 11 فيلما منها الافلام العشرة التي مثلتها مع خالتها من اخراج احمد جلال وكان الفيلم الحادي عشر من انتاج آسيا ومن اخراجه ايضا، ولكن اسيا لم تمثل فيه.
وهذه الافلام الـ 19 هى: «غادة الصحراء» اخراج وداد عرفي 1929» وخز الضمير» اخراج ابراهيم لاما 1931، «عندما تحب المرأة» اخراج احمد جلال 1933، «عيون ساحرة» اخراج احمد جلال 1934، «شجرة الدر» اخراج احمد جلال 1935، «البنكنوت » اخراج احمد جلال 1936، «زوجة بالنيابة» اخراج احمد جلال 1936، «بنت الباشا المدير» اخراج احمد جلال 1938، «فتش عن المرأة» اخراج احمد جلال 1939، «زليخة تحب عاشور» اخراج احمد جلال 1940، وهذه هي الافلام العشرة الاخيرة التي اشتركت اسيا في تمثيلها مع مارى كويني، ثم جاءت الافلام الخمسة التي لم تشترك فيها ماري، وهى «امرأة اخطر» اخراج احمد جلال 1941، «العريس الخامس» اخراج احمد جلال 1941، «المتهمة» اخراج هنري بركات 1942، «اما جنان» اخراج هنري بركات 1944، واخيرا «الهانم» اخراج هنري بركات 1946.
ومن المؤسف ان الافلام الـ 15 للممثلة آسيا سواء الصامت منها ام الناطق ليس لها وجود معروف. بل اننا لا نعرف على وجه اليقين كم منها صور صامتا، وكم منها صور ناطقا، والاستثناء الوحيد على صعيد المعلومات الموثقة ما جاء في كتاب احمد الحضري عن فيلم «غادة الصحراء» والاستثناء الوحيد على صعيد الوجود الفيلمي «العريس الخامس» الذي شاهدته في التليفزيون المصري يوم 16 نوفمبر عام 1979، وكان عرضه بمناسبة ان هذا اليوم هو تاريخ العرض الأول لفيلم "ليلى" في القاهرة عام 1927.
يروي «العريس الخامس» قصة أرملة ثرية هي بهيرة هانم (آسيا) التي يتنافس على الزواج منها اربعة اشخاص (يقوم بالادوار بشارة واكيم وعباس فارس وفؤاد شفيق ومحسن سرحان)، ولكنها تكتشف ان كلا منهم يسعى للزواج منها من اجل ثروتها. تذهب بهيرة هانم الى قصرها الريفي حيث نرى الفلاح الذي يرفض استغلال ثروة زوجته، فتقول تعليقا على ذلك لوصيفتها علية (ثريا فخري) ان «الريف جميل وهادىء وما فيهوش تفكير».
ثم تذهب بهيرة هانم للاستجمام في الاقصر، وهناك تلتقي بشاب فقير يدعى جعفر (حسين صدقي) فتدعي امامه انها وصيفة بهيرة هانم. ويبدأ كل منهما في التعبير عن رفضه لعالم الأغنياء كما في الحوار التالي:
هي: ربنا ما يحكمش على حد بالغنى.
هو: آمين يارب.
وتبدو السعادة، كل السعادة في تناول الفول في احد المطاعم الشعبية،وكما يغني الفلاحون في الريف فرحة بوصول سيدة القصر، يغني الصعايدة في الاقصر فرحة بالفول.
وتتوقف العلاقة بين بهيرة هانم والشاب الفقير، ولكنها تكتشف انه جعفر بك الثري الكبير، وانه مثلها كان يمثل دور الشاب الفقير حتى يجد المرأة التي تحبه من اجل ذاته لا من اجل ماله.
ويتميز سيناريو الفيلم بالتتابع المنطقي المحكم، ولكنه يتسم بالتبسيط والشرح والتوضيح على نحو لا يدع للمتفرج أي فرصة للتفكير أو إعمال الخيال. ويتميز الاخراج في المشاهد الخارجية (مشاهد الحب بين آثار الاقصر والنزهة في قارب على النيل وعلى الكورنيش) ولكن الفيلم في مجموعه نموذج للرؤية الساذجة للمجتمع المصري والحياة الانسانية بصفة عامة. والبعيدة كل البعد عن حقيقة المجتمع وحقيقة الحياة. فالريف ليس هادئا وليس جميلا رغم الفقر، وعدم التفكير لا يقترن بالهدوء والجمال، وانما يقترن بالبلاده، واذا كان من المحتمل ان يكون الثراء نقمة، فالمؤكد ان الفقر ليس نعمة. انه فيلم يواسي الفقير على فقره في احسن الاحوال، ويقطع بأنه ليس في الإمكان احسن مما هو كائن.
ونحن لا نتناول الفيلم مقارنة مع الافلام التي نعاصرها، وانما مع افلام عصره، سواء في مصر ام في العالم، ففي عام 1941 عندما عرض الفيلم، أو حتى في عام 1940 إذا كان قد انتج عام 1940 وعرض عام 1941 كانت السينما المصرية في ذروة مرحلة ستديو مصر الذي بدأ انتاجه عام 1935، وهي من مراحل الازدهار الكبرى في تاريخها، وربما ما يفسر سذاجة "العريس الخامس" ان مخرجه كان قد عاصر واشترك في الافلام الصامتة الاول في نهاية العشرينات، ولم يستطع التخلص من اساليب هذه الافلام. اما اسباب القصور الفني والفكري للافلام المصرية الصامتة رغم انها بدأت والسينما الصامتة في اوج ازدهارها في أوروبا والولايات المتحدة، فهي اسباب كثيرة ليس هنا مجال للخوض فيها بالتفصيل، ولكنها ترجع بصفة عامة الى المناخ الثقافي السائد آنذاك في مصر والدول العربية الاخري، وخاصة بالنسبة الى فن السينما.
هوامش:
1) الاهرام 13/1/1986م
2) النهار 20/1/1986م
3) " تاريخ السينما في مصر، 1989
5) " الكواكب" 27/1/1935
6) "السينما والناس" اغسطس 1982
7) المرجع السابق
8) " تاريخ السينما في مصر" 1989
9) الاهرام 13/1/1986
10) " السينما والناس" اغسطس 1982
سمير فريد ( ناقد سينمائي من مصر)