حوار مجلة نزوى
ترجمة- بدر بن خميس الظفري- مترجم عُماني
كان بإمكان فريق عمل الفيلم الوثائقي «بيت العجائب» أن يعمد إلى سرد كرونولوجي للأحداث التاريخية الدالة على الوجود العماني في زنجبار وشرق أفريقيا، إلا أن الخبرة والتجربة المتراكمة قادت فريدريتش كلوتش وفريقه، كما يقول، إلى اعتماد نهج درامي يزاوج بين السيرذاتي والتاريخ العام، في إطار سردي درامي يجمع بين التمثيل رفيع المستوى والبحث الوثائقي والصور المولّدة بالكمبيوتر، وذلك لأجل إنتاج صيغة بصريّة شائقة؛ تعمق الارتباط العاطفيّ وتدفع إلى التفاعل الفكري مع أسئلة تاريخ الوجود العماني في زنجبار وشرق أفريقيا.
وقد سعى فيلم «بيت العجائب» إلى استجلاء مظاهر التأثير الحضاري العماني في نسيج المجتمعات الشرق أفريقية في شتى المناحي؛ السياسية والاقتصادية، والثقافية، وفي سبيل ذلك قام فريق العمل بمشاركة شبكة واسعة من الباحثين والأكاديميين العُمانيين والأفارقة والدوليين إلى جانب شهود محليين ذوي خبرة في التبادل بين الحضارتين العُمانية والإفريقية.
في هذه المقابلة نحاور المخرج الألماني فريدريتش كلوتش، مخرج سلسلة أفلام بيت العجائب، لنقترب أكثر من تفاصيل هذا العمل الفني.
* تشهد وسائل البث الثقافية انزياحات متسارعة عن أشكالها الكلاسيكية باتجاه تقديم خطابات بصرية حديثة، تدفع الأجيال الجديدة إلى التّعالق الرّصين والعميق مع الثقافة وهواجسها وأسئلتها على نحو مغاير.. في رأيك، كيف يمكن أن تقدم السينما عبر تقنياتها البصرية، التاريخ والثقافة بصيغة تثير الأسئلة وتحفز المتلقي على التفاعل الفكري مع أسئلة التاريخ والحضارة؟ وإلى أي مدى نجحتم في هذا المشروع المهم عبر الأفلام الثلاثة في تقديم الوجود العماني في زنجبار وشرق أفريقيا على نحو يتلاءم ومتطلبات التلقي عند الأجيال المعاصرة؟
صحيح أن المشهد الإعلامي شهد مؤخرًا تحولا كبيرا أدى إلى تغيير كبير في الاستعمال المعتاد للوسائل الإعلامية، خاصة بين الأجيال الشابة. ومن منطلق إدراكنا الكامل لهذا التحول، قررنا عمدًا تصميم الأفلام وتقديمها بطريقة تقليدية، من حيث أسلوب السرد والمدة وقنوات التوزيع. هذا القرار جاء بناء على دراسات تجريبية تؤكد وجود شعور لدى المتلقي بالتمسك بالقيم، يجعله يفضّل الأشكال الكلاسيكية للموضوعات ذات الأهمية الفكرية، إلا أنّ التحدي يظل في الوصول إلى الجماهير المعاصرة التي لم تعد تستعمل وسائل الإعلام التقليدية. ونحن نواجه هذا التحدي بعدة طرق منها: عرض الأفلام في المهرجانات لجذب اهتمام وسائل الإعلام. أيضا نظّمنا وسنُنظّم عروضا سينمائية في الفصول المدرسية. بالإضافة إلى ذلك، نقوم بإعداد الأفلام لكي تكون مصدرا موسوعيّا من خلال إعداد مقاطع مرئيّة قصيرة، تتمحور حول العلاقات بين عُمان وشرق إفريقيا. ستسهل هذه المقاطع، التي يمكن عرضها بالطريقة الرأسيّة على الأجهزة، التوزيع عبر وسائل التواصل الاجتماعي. قريبًا ستنشأ سينما متنقلة للقيام بجولة في قرى أونغوجا وبيمبا. ونخطط أيضًا لإدخال عملنا في المنهج التعليمي، ربما من خلال لجنة مشتركة للكتب المدرسية مع المختصين. إذن، هل نجحنا في الوصول إلى جمهورنا المستهدف؟ أعتقد أننا بدأنا بداية ممتازة، ولكن يجب علينا أن نواصل جهودنا لتحقيق أهدافنا.
* يلاحظ المتابع للمشروع أن الفيلم، والكتاب، ليست غايته تركيز الضوء على الشخصيات الثلاث: السيد سعيد بن سلطان، وحمد بن محمد المرجبي (تيبوتيب) ومبارك بن علي الهناوي، بقدر ما هي نماذج دالّة على عمق التأثير الثقافي العُماني والعربي في نسيج المجتمع الشرق إفريقي… إلى أي مدى نجح المشروع في استجلاء مظاهر التأثير الحضاري للعُمانيين في شرق أفريقيا في المناحي الحضارية المختلفة؛ الثقافية والاقتصادية والسياسية؟
– كان بإمكاننا سرد العناصر العديدة والمتنوعة المتبادلة بين شرق أفريقيا وعُمان دون دمجها في قصص حياة أبطال الفيلم. ومع ذلك، تجربتنا في صناعة الأفلام دعتنا إلى القيام بذلك من أجل تحفيز الاهتمام التاريخي على المستوى الشخصي وتعميق الارتباط العاطفي مع جماهير اليوم. في حين أن مفهوم التأطير السردي من خلال السير الذاتية قد يبدو -من وجهة نظر علمية بحتة- بمثابة استطراد غير ضروري، فقد أثبتت نظريات التعلم أنها فعالة ومستدامة.
* نجحتم في صنع صيغة بصرية مبهرة، حينما جعلتم قصر بيت العجائب الثيمة التي تنضوي في إطارها الأجزاء الثلاثة للفيلم، بحيث أحييتم أروقته، وجعلتموه ينطق بالقصص والأحداث، استثمرتم اللوحات المعلقة في جدرانه كأيقونة أساسية في منعطفات القصة الفيلمية.. كيف تفسرون اختيار بيت العجائب، على الرغم من وجود كثير من المعالم الدالّة على الوجود العُماني في زنجبار وشرق إفريقيا؟
– بيت العجائب في زنجبار في (ستون تاون) أو مدينة زنجبار الحجريّة، رمز لا مثيل له للوجود العُماني في شرق إفريقيا، إذ يجمع بين العناصر المعمارية الإفريقية والعربية والهندية والغربية في مبنًى فريدٍ ينضح بالتنوع والعظمة والحداثة في الوقت نفسه. إنه معلم مشهور عالميًا، ونصب تذكاري يشكل هوية ما يعرف عادة بثقافة الساحل السواحلي. لقد أصبح متهالكًا بسبب الإهمال ويحتاج إلى كل الاهتمام الذي يمكنه الحصول عليه لضمان استمرار وجوده.
* على الرغم من أن الوجود العُماني في شرق إفريقيا يعود إلى فترات زمنية طويلة، متباينة التأثير، فلماذا وقع اختياركم على الفترة المتأخرة من الوجود العُماني في شرق إفريقيا، ولماذا وقع اختياركم على هذه الشخصيات على وجه التحديد؟
– أصبحت العلاقات بين عُمان وشرق إفريقيا ممكنة بفضل رياح المونسون الموسمية. ويعود تاريخ هذه العلاقات إلى عصور ما قبل التاريخ غير المكتوبة. لقد ترك التجار العُمانيون من العصر الإسلامي الآثار الأولي، وهو ما نتناوله في الحلقة الأولى من خلال فتاوى كيلوة. وقد أصبح الوجود العُماني في شرق إفريقيا دائمًا في القرن السابع عشر وما بعده نتيجة للصراع مع البرتغاليين. تطرقنا إلى هذه المعلومات عندما عرضنا فقرة (المزروعي في مومباسا). لكن تأثير العُمانيين على الثقافة الساحلية في شرق أفريقيا لم يكن كبيرا قبل السيد سعيد بن سلطان وتأسيسه لسلطنة زنجبار. وبينما نتحدث عن العلاقات بين شرق إفريقيا وعُمان قبل فترة طويلة من تأسيس السلطنة، فقد اخترنا أبطالًا لشخصيات ساهمت بشكل فعال في التبادل خلال وجود السلطنة. هناك العديد من الشخصيات التي تمثل الوجود العُماني في شرق أفريقيا يستحقون اهتمام وسائل الإعلام. واسمحوا لنا أن نشجع زملاءنا في عُمان على مواصلة هذا المسعى.
* يتبدى للمتلقي العام أن خطاب الفيلم والكتاب يقدم وجهة نظر أحادية، بلغة مصقولة، بحيث تظهر الوجود العُماني في زنجبار من زاوية طهرانية مثالية، تقدمه على نحو لا يطوله النقد، ألا يُفقد ذلك النص والمادة البصرية شيئا من مصداقيتهما ؟
– نحن نقدر بشدة هذا السؤال والمساحة التي تُتاح لنا للرد. في حين أننا بذلنا قصارى جهدنا لزيادة قيمة الإنتاج، أي زيادة المظهر السينمائي وجودة الطباعة إلى الحد الأقصى ضمن حدود الميزانية المحددة، فإننا لا نريد أن نطلق على النتائج اسم “مصقولة”، بل هي على أحدث طراز. أردنا تقديم نظرات ثقافية تحاول -من خلال دقتها التاريخية ونهجها السردي وتنفيذها الفني– المزج بين أهمية الموضوع مع تلبية التوقعات المتعلقة بمعايير الجودة الدولية. مارسنا التدقيق النقدي في عدة مراحل من المشروع، وذلك، أولا،عن طريق تكليف شركة أجنبية ومستقلة بتقديم تقييم للوجود العُماني في شرق إفريقيا. ويعدّ هذا الإجراء من أفضل الممارسات، ويتوافق مع قواعد الحوكمة الجيدة. المرحلة الثانية من التدقيق النقدي تضمنت المطالبة بمشاركة شبكة متنوعة من الخبراء الأفارقة والعُمانيين والدوليين ببحوثهم وكفاءاتهم ومهاراتهم. يشمل هؤلاء الخبراء علماء أكاديميين مشهورين عالميًا، بالإضافة إلى حرفيين محليين وشهود ذوي خبرة في التبادل بين الحضارتين العُمانية والإفريقية. الآن، بعد أشهر من العرض الأول للمشروع، نحن في منتصف المرحلة الثالثة من التدقيق النقدي، والتي تنفذها لجان تحكيم المهرجانات السينمائية، وممثلو وسائل الإعلام، بالإضافة إلى الجماهير الدولية بما في ذلك العلماء الذين لم يظهروا في أفلامنا أو الكتاب. ولو كانت هناك اعتراضات جوهرية على منهجنا، أو انتقادات تشير إلى أخطاء تاريخية في سردنا، أو أخطاء علمية بسيطة، فلن نتردد في إبلاغكم بها. لقد حصل مشروعنا على العديد من الجوائز. إنّ الكتب والأفلام متوفرة باللغات العربية والإنجليزية والسواحيلية وقد قُدّمت بالفعل إلى القراء والجمهور العرب ومن شرق إفريقيا والجمهور العالمي. وفي حين أن هذه المرحلة لم تنته بعد، إلا أننا واثقون جدًا من صدق وصحة الرسائل التي ينقلها فيلم بيت العجائب.
* لطالما كان الفيلم الوثائقي يظهر الإشكالي، والمغاير، والرؤى المتضاربة على الحدث الواحد، لا سيما وأن الفيلم استضاف عددا من الباحثين من مشارب مختلفة، إلا أنهم قالوا وجهة نظر واحدة تجاه الكثير من القضايا المطروحة، ما رأيكم في ذلك؟
– من خلال اختيار أبطال كل حلقة وتتبع خطواتهم، ستتبنى بالضرورة وجهة نظر معينة، وهذا ما يميز النهج السردي عن النهج الصحفي، ولكن هل هذا يعني أنك متحيز إلى أحد الجانبين؟ لن نقول ذلك. إنّ ملاحظتك حول تعدد الباحثين تبدو صحيحة، ولكن أرجو أن تسمح لنا أن نعطيك مثالا من الحلقة 2 لتوضيح طريقة عملنا، فللإجابة على السؤال، ما إذا كان تيبوتيب وزملاؤه التجار العُمانيون مغتصبين للسلطة أم مساهمين في صنع تلك الحضارة، ذهبنا إلى شرق الكونغو، من بين وجهات أخرى، للبحث عن إجابة. وفي الموقع، التقينا وتحدثنا مع عالم آثار بلجيكي، وأسقف كاثوليكي، وإمام محلي، وناشطة كونغولية. وشهدوا جميعهم على المساهمة الحضارية لمستوطنة تيبوتيب في كاسونجو في القرن التاسع عشر. هذه هي الطريقة التي نعمل بها. يتم اعتماد المعلومة بعد تأكيدها من مصادر متنوعة.
* تناقضت الصورة البصرية مع النص المحكي في عدد من المشاهد في الأجزاء الثلاثة، فمثلا يظهر حمد المرجبي (تيبوتيب) بوصفه منتصرا أحدث تغييرا كبيرا في تجارة القوافل، بينما الصورة البصرية المأخوذة من لقطة علوية ترينا دموية مرعبة في القبائل الإفريقية، هل ثمة قصدية ما في أن تقول الصورة ما يخفيه النص ؟
– من جهتنا يمكننا أن نؤكد لك أنه لا توجد رسالة عميقة أو مخفية على الإطلاق. كان تيبوتيب بالتأكيد شخصية بارزة في تحول تجارة القوافل. وقد ساهم هذا التحول من خلال إدراكه للرغبات والاحتياجات، وقوة إرادته في تحقيق أهدافه. نحن نقدم للجمهور الصورة الكاملة، فـ(تيبوتيب)، كما هو الحال مع الأبطال الآخرين، هو رجل عصره، وكان العنف جزءا من شخصيته. ما يمكننا فعله هو أن نسأل من أطلق النار أولًا. إذا كان اللقاء مع الملك نساما في الحلقة 2 هو المشهد الذي تشير إليه، فالإجابة هي -كما ذكر كاتب سيرة تيبوتيب (ستيوارت لينغ)- أننا لا نعرف من أطلق النار أولًا.
* فيما يتعلق بالدور الذي لعبه الكادر العُماني بصفته كاتبا ومترجما، وممثلا، ومصورا، هل يمكنكم أن تحدثونا عن هذه التجربة ؟
– شركتنا معروفة عالميًا بتركيزها على الأفلام الوثائقية الدرامية بما في ذلك النهج السردي المذكور أعلاه. إن الجمع بين التمثيل رفيع المستوى والبحث الوثائقي والصور المولدة بالكمبيوتر هو علامتنا التجارية. وللمساعدة في تطوير هذه المهارات الخاصة في السلطنة، كان نقل المعرفة هدفا أساسيا من أهداف المشروع. ولتحقيق هذا المطلب، أشركنا المواهب العُمانية في كل مرحلة وكل قسم من أقسام الإنتاج تقريبًا. إذا نجحنا في نقل خبرتنا -والميزانيات المتاحة تسمح بذلك- نأمل أن تشهدوا زيادة في الأفلام الوثائقية الدرامية عالية المستوى التي ينفذها فنانون عُمانيون في المستقبل القريب.
* ظهر الممثل العُماني في الأدوار الرئيسة، لكنه غاب عن الأدوار الثانوية (الكومبارس) الأمر الذي أثر في واقعية الحدث، فهل يرجع الأمر إلى قلة الكادر العُماني أم أن الأمر راجع إلى ظروف إنتاجية ؟
– صحيح أن قيود الإنتاج وحدود الميزانية لم تسمح لنا بإلقاء كل دور عُماني على عاتق ممثل عُماني. كان علينا أن نعطي الأولوية لأصالة الموقع والمشهد فوق أصالة أدوار الممثلين. وبالتالي، قمنا باختيار السكان المحليين للعب الأدوار العُمانية على أساس المظهر، وبالمناسبة، فإن العديد منهم كانوا من أصول عُمانية.
* تمخض عن هذا المشروع إصدار كتاب يرافق الأجزاء الثلاثة للفيلم، هل يمثل الكتاب المادة العلمية التي اعتمدتم عليها في كتابة المادة الفيلمية؟ وهل كان الكتاب كافيا لبناء مادة عن الوجود العُماني في شرق إفريقيا على امتداد الفترة التاريخية مع ما يكتنفها من أحداث وآراء، وما القيمة العلمية والفنية في إصدار كتاب مرافق للفيلم؟
– في الواقع كان الأمر على العكس من ذلك، فالأفلام هي المصدر الأساسي لمحتوى الكتاب. تم إجراء الاختيارات الهيكلية للأفلام ومن ثم تطبيقها على الكتاب وفقًا لذلك. إنّ الأمر يتعلق باختيار الأبطال وكذلك تخصيص عناصر التبادل بين شرق إفريقيا وعُمان التي كان من المقرر ذكرها في الحلقات المختلفة. كان هناك قدر هائل من الأبحاث التي أجريت في هذا المشروع، وكان لا بد من اتخاذ قرارات بشأن المحتوى الذي سيضمّ في الأفلام في النهاية. يعد الكتاب بمثابة كنز لذلك المحتوى الذي لم يعرض في الأفلام لأسباب عملية أو فنية، ويعد الكتاب كذلك وسيلة لتقديم معلومات إضافية وتوضيح تفاصيل العناصر التي ظهرت في الأفلام.
* يعمد الكتاب إلى تتبع الظروف التي كونت نفسية الإنسان العُماني، التائقة إلى السفر والانتقال والتفاعل مع الأمم والحضارات، حيث يرسم الكتاب مسارات كل ذلك بالرجوع إلى الدراسات والتنقيبات الأثرية، وقراءة الشواهد الدالة على رغبته في التفاعل مع محيطه… هل نجح الفيلم في إبراز التكوين النفسي لإنسان عُمان، الذي دفعه إلى السفر عبر المحيطات وتكوين حضارة موازية لوطنه الأم في شرق أفريقيا ؟
– قد لا يعلم القراء بأننا قمنا بالفعل بإنتاج سلسلة من الأفلام الوثائقية الدرامية تحت عنوان (أبناء السندباد): عن أبي عبيدة وطريق الحرير البحري على سبيل المثال، وكذلك عن الملاح العُماني الشهير أحمد بن ماجد. أبناء السندباد (الذي تم إنتاجه بالاشتراك مع جيوتك ومتاح على تلفزيون سلطنة عُمان أيضًا) يتناول بشكل شامل أهمية السفر والتجارة في التاريخ العُماني، ويتطرق إلى قضية الهجرة. من نواحٍ عديدة، تُعد سلسلتنا الجديدة (بيت العجائب) امتدادًا لعملنا السابق (أبناء السندباد). لا تفوت ذلك!
* يلاحظ أن الكتاب يقدم حصيلة معلوماتية وفيرة عن الوجود العُماني الحضاري في زنجبار وشرق إفريقيا، وهو كما يتبدى للقارئ حصيلة جهد كبير من البحث والدراسة والإعداد للمشروع، كيف عملتم على التحقق والتثبت من الروايات والمعلومات التاريخية المقدمة مع ما يحيط بالتاريخ وأحداثه من روايات متضاربة أو آراء مختلفة؟
– لضمان الدقة، ستعتمد بالضرورة على المصادر التاريخية التي يمكن الوصول إليها في الأرشيف ومن خلال الاكتشافات الأثرية. علاوة على ذلك، سوف تقوم بإشراك العلماء الأكاديميين وكذلك الشهود المحليين. من تجربتنا، نادرا ما تنشأ وجهات نظر متضاربة حول الحقائق، ولكن تنشأ عادة حول تفسير هذه الحقائق. وهنا يأتي دور الأيديولوجية. كيف تفسر الوجود العُماني في شرق إفريقيا؟ هل تصفونها بالهجرة، كما نفعل نحن، أم ستسمونها حركة استعمارية شبيهة بحركة “التدافع إلى إفريقيا” التي قامت بها القوى الأوروبية؟ هناك معايير معينة لتحديد ماهيتها – تقاسم السلطة، ومبادئ المشاركة والتنوع، وسمات الأنشطة العامة، والزواج المختلط، على سبيل المثال لا الحصر. أفلامنا وكتابنا ليس الأول ولا الوحيد في التعامل مع “الوجود العُماني في شرق أفريقيا”. توجد بالفعل مجموعة من الروايات التي يمكن العثور عليها في الكتب المدرسية ووسائل الإعلام والمتاحف والمعارض. بيت العجائب سوف يكمل هذه الروايات الموجودة. نرجو من جماهيرنا أن يتقبلوا وجهة نظرنا حول هذا الموضوع باعتبارها رأيا يستحق أن يؤخذ بعين الاعتبار أيضًا.
* لقد اقتربتم من خلال هذا المشروع من التاريخ العُماني على عمومه، في رأيكم ما أهمية أن نقدم الحضارة العُمانية التي تراكمت عبر آلاف السنين، في إطارات فنية وبصرية تتلاءم ومعطيات التلقي المعاصرة؟
– إن أي زائر لسلطنة عُمان اليوم سوف يجد شعبًا اعتاد على التنوع. سيرى الضيوف سلوكًا من التعاطف والتركيز لا يقتصر على الحدود الأيديولوجية. ومن وجهة نظرنا، فإن هذه الخصائص الاجتماعية فريدة من نوعها. وعندما نسأل من أين تأتي هذه الأشياء، يمكننا اعتبارها، بل يجب اعتبارها نتيجة لتفاعل عُمان منذ آلاف السنين مع عالم المحيط الهندي المتنوع.