في كتاب الأساطير تمحو الأساطير..
للأزرق الأثيني..
قال. . يسألُني كلُّ من ألتقيه في هذه المدينةِ
لِمْ ولماذا.. تُشَوِّهُ هيلين صورة هيلينْ
ولماذا.. يُسَفِّهُ هومير أشعار هوميرْ
كنتُ أقول.. من هي هيلين؟!
وأنا ماسمعتُ بهومير..
لمْ أرَ في ما قرأتُ من كتب الأقدمين..
أو كتب المُحْدَثين.. أخبارهُ !!
أو تأكَّدَ لي مايُقالْ
بعدَ أنْ نزلَتْ في البلاد النوازلُ
أصحو على هَرَجٍ..
لمْ يكُنْ حين غادرتُ مقهى المدينةِ في أوّل الليلِ
كان الطريقُ إلى البيت يفتحُ للقمر الرماديِّ ..
باباً
سيدخلهُ آمناً..ويطوف على كلِّ ماكان في البيتِ..
يمسحُ أِشجارَهُ والرياحَ..
وأحلامَ أطفالِهِ والأغاني القديمةَ والماءَ..
بالنورِ..
هذا الفضاءُ الذي لاحدود للشعر فيهِ..
للحبِّ والأسئلة
صارَ حقلَ رمادٍ تمدَّدَ في كتب السَفَهِ..
اقترحَ السُفهاءُ..
أنْ تطرد البلادُ بساتينَها
ويكونُ على كلِّ مُنعَطَفٍ مقصلة
وتودِعُ أشجارهُ السودُ في كلِّ غصنٍ تدلّى على الطرقات..
ومسَّ حجارتها .. قُنبلةْ
وسيزرًعُهُ القتَلَة
حنظَلاً..
أوَكُنّا على موعدٍ بالذي كان..
لاأحَدٌ في البلاد التي تتعثَّرُ بالموتِ..
ينجو من الموتِ
مَن لمْ يمُتْ بالرصاص المُخَبًّأ في الخبز..
يقتُلهُ الخبزُ
ومَنْ لمْ يَنَلْهُ رصاصُ الجنودِ
نالهُ من رصاص أخيهِ !
في الليلة الأخيرةِ من موعدٍ لن يكونْ
تذهبُ كلُّ نساء القرى بثياب الحدادٍ..
إلى المقبَرَة
يتبادلنَ جمرَ المراثي ويسألنَ عن دم أبنائهنَّ
فارغة كانت القبورُ
ومهجورة هذه المقبرة
. . . . . .
يخرجُ من كلِّ بيتٍ إمامان..
يفتي الأب القادمُ من صفحات كتابٍ عتيقٍ..
بغير فتوى ابنه الداخلِ في كذبٍ الحاضِرِ..
يختلفانْ
كُلٌ له من قراءاته الفاسدةْ
لغةٌ باردةْ
ويَقتَتِلُ الأخوةُ.. كلُّ الذين يموتونَ..
جاؤوا إلى الموت .. من مدن الفقراء
والفقهاءُ..
يغتنمون الأساطيرَ والوهمَ..
من أجل متعتهم بالدماءْ
. . . . . .
يقفُ الأبُ بين بنيه وبينَ بنيهْ
لايُفَرِّقُ من أيِّ أبنائهِ ..اخترقتهُ الرماحْ
كأنَ الكلامَ بين أخٍ وأخيه .. انتهى
ليسَ من لغةٍ..
بينَ مَنْ فَرَقّتهمْ أساطيرُ سوداءُ..
غير السلاحْ
على هامشٍ من كتاب.. الأساطير تمحو الأساطير
يكتبُ شيخُ الطريقة .. يأتي زمانٌ على هذه البلادِ
يُسَفِّهُ فيه المعريُّ شعرَ المعريِّ..
تُسفِّهُ فيه النساءُ النساءْ
يعمُّ البلاءْ
ويهجرها الشعراءْ
يعتزلُ الوردُ أكمامهُ والحدائقَ والماءَ
كانَ تبرّأَ من عطرهِ
أتُرى سيغادرُ ألوانِهُ ويهاجرُ .. معتزلاً
ضَيِّقٌ.. ضَيِّقٌ .. ضَيِّقٌ
في المنافي الفضاءْ
. . . . . .
يتوارى القتيلُ والقاتلُ خلفَ تواريخ رعناء
ينسبها قائلٌ غامضٌ . . لرواة غلاظْ
وينسبُهُم – أيّ أكذوبة يتوارثها الجهلاءُ –
إلى ملكوت السماء!!
كلُّ ما جاء في كتاب الأساطير تمحو الأساطير..
ليس سوى كذب وافتراءْ
ليس سوى مرجعٍ.. يستظلُّ به القتلةْ
هل سيعرفُ بعد فوات الأوان .. أخٌ وأخوه يقتتلانْ
أين هي المعضلةْ ؟!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*«الأخوة الأعداء» للروائي اليوناني كازنزاكي.. عن الحرب الأهلية اليونانية.
حميد سعيد\
\ شاعر من العراق